صفحة جزء
[ ص: 72 ] فصل .

في ذكر ما استثني من المكي والمدني :

وقال ابن حجر في شرح البخاري : قد اعتنى بعض الأئمة ببيان ما نزل من الآيات بالمدينة . في السور المكية . قال : وأما عكس ذلك ، فهو نزول شيء من سورة بمكة ، تأخر نزول تلك السورة إلى المدينة ، فلم أره إلا نادرا .

قلت : وها أنا ذا أذكر ما وقفت على استثنائه من النوعين ، مستوعبا ما رأيته من ذلك على الاصطلاح الأول دون الثاني ، وأشير إلى أدلة الاستثناء لأجل قول ابن الحصار السابق ، ولا أذكر الأدلة بلفظها ، اختصارا وإحالة على كتابنا أسباب النزول .

الفاتحة : تقدم قول أن نصفها نزل بالمدينة ، والظاهر أنه النصف الثاني ، ولا دليل لهذا القول .

البقرة : استثني منها آيتان : فاعفوا واصفحوا [ 109 ] . و ليس عليك هداهم [ 272 ] .

الأنعام : قال ابن الحصار : استثني منها تسع آيات ، ولا يصح به نقل ، خصوصا قد ورد أنها نزلت جملة .

قلت : قد صح النقل ، عن ابن عباس باستثناء قل تعالوا الآيات الثلاث [ 151 - 153 ] كما تقدم ، والبواقي : وما قدروا الله حق قدره [ 91 ] . لما أخرجه ابن أبي حاتم أنها نزلت في مالك بن الصيف ، قوله : ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا [ 21 - 22 ] الآيتين ، نزلتا في مسيلمة . وقوله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه [ 20 ] وقوله : والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق [ الأنعام : 114 ] .

وأخرج أبو الشيخ ، عن الكلبي قال : نزلت الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود ، وهو الذي قال : ما أنزل الله على بشر من شيء [ الأنعام : 91 ] .

وقال الفريابي : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن بشر ، قال : الأنعام مكية إلا : قل تعالوا أتل [ 151 ] والآية التي بعدها .

[ ص: 73 ] الأعراف : أخرج أبو الشيخ بن حيان ، عن قتادة ، قال : الأعراف مكية إلا آية واسألهم عن القرية [ 163 ] وقال غيره : من هنا إلى : وإذ أخذ ربك من بني آدم [ 172 ] مدني .

الأنفال : استثني منها : وإذ يمكر بك الذين كفروا [ الأنفال : 30 ] قال مقاتل : نزلت بمكة .

قلت : يرده ما صح عن ابن عباس : أن هذه الآية بعينها نزلت بالمدينة ، كما أخرجناه في أسباب النزول . واستثنى بعضهم قوله : ياأيها النبي حسبك الله الآية [ 64 ] وصححه ابن العربي وغيره .

قلت : يؤيده ما أخرجه البزار ، عن ابن عباس : أنها نزلت لما أسلم عمر .

براءة : قال ابن الفرس : مدنية إلا آيتين لقد جاءكم رسول إلى آخرها [ 128 - 129 ] .

قلت : غريب ، كيف وقد ورد أنها آخر ما نزل ! . . واستثنى بعضهم : ما كان للنبي . [ براءة : 113 ] . لما ورد أنها نزلت في قوله - عليه الصلاة والسلام - لأبي طالب لأستغفرن لك ما لم أنه عنك .

يونس : استثني منها : فإن كنت في شك [ يونس : 94 ، 95 ] . وقوله : ومنهم من يؤمن به [ يونس : 40 ] قيل : نزلت في اليهود . وقيل : من أولها إلى رأس أربعين مكي والباقي مدني . حكاها ابن الفرس والسخاوي في " جمال القراء " .

هود استثني منها ثلاث آيات : فلعلك تارك [ 12 - 14 ] أفمن كان على بينة من ربه [ 17 ] وأقم الصلاة طرفي النهار [ هود : 114 ] .

قلت : دليل الثالثة ما صح من عدة طرق : أنها نزلت بالمدينة في حق أبي اليسر .

[ ص: 74 ] يوسف : استثني منها ثلاث آيات من أولها ، حكاه أبو حيان ، وهو واه جدا لا يلتفت إليه .

الرعد : أخرج أبو الشيخ ، عن قتادة ، قال : سورة الرعد مدنية إلا آية ، قوله : ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة [ الرعد : 31 ] .

وعلى القول بأنها مكية ، يستثنى قوله : الله يعلم إلى قوله : شديد المحال [ الرعد : 8 - 13 ] كما تقدم ، والآية آخرها . فقد أخرج ابن مردويه ، عن جندب قال : جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي باب المسجد ، قال : أنشدكم بالله أي قوم ، تعلمون أني الذي أنزلت فيه ومن عنده علم الكتاب [ الرعد : 43 ] قالوا : اللهم نعم .

إبراهيم : أخرج أبو الشيخ ، عن قتادة قال : سورة إبراهيم مكية غير آيتين مدنيتين : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا إلى وبئس القرار [ إبراهيم : 28 - 29 ] .

الحجر : استثنى بعضهم منها ولقد آتيناك سبعا [ الحجر : 87 ] الآية .

قلت : وينبغي استثناء قوله : ولقد علمنا المستقدمين [ الحجر : 24 ] لما أخرجه الترمذي وغيره في سبب نزولها ، وأنها في صفوف الصلاة .

النحل : تقدم عن ابن عباس أنه استثنى آخرها . وسيأتي في السفري ما يؤيده . وأخرج [ ص: 75 ] أبو الشيخ عن الشعبي ، قال : نزلت النحل كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات : وإن عاقبتم [ 126 ] إلى آخرها .

وأخرج عن قتادة ، قال : سورة النحل من قوله والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا [ النحل : 41 ] إلى آخرها مدني ، وما قبلها إلى آخر السورة مكي ، وسيأتي في أول ما نزل . عن جابر بن زيد : أن النحل نزل منها بمكة أربعون ، وباقيها بالمدينة . ويرد ذلك : ما أخرجه أحمد ، عن عثمان بن أبي العاص في نزول : إن الله يأمر بالعدل والإحسان [ النحل : 90 ] وسيأتي في نوع الترتيب .

الإسراء : استثني منها : ويسألونك عن الروح [ الإسراء : 85 ] الآية لما أخرج البخاري عن ابن مسعود : أنها نزلت بالمدينة في جواب سؤال اليهود ، عن الروح .

واستثني منها أيضا : وإن كادوا ليفتنونك إلى قوله : إن الباطل كان زهوقا [ الإسراء : 73 - 81 ] وقوله : قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية ، وقوله : وما جعلنا الرؤيا [ الإسراء : 60 ] . وقوله : إن الذين أوتوا العلم من قبله [ الإسراء : 107 ] لما أخرجناه في أسباب النزول .

الكهف : استثني من أولها إلى جرزا [ 1 - 8 ] . وقوله : واصبر نفسك [ 28 ] . الآية و إن الذين آمنوا [ 107 ] إلى آخر السورة .

مريم : استثني منها آية السجدة ، وقوله : وإن منكم إلا واردها [ 71 ] .

طه : استثني منها : وأنا اخترتك فاستمع لما [ 130 ] .

[ ص: 76 ] قلت : ينبغي أن يستثنى آية أخرى ، فقد أخرج البزار وأبو يعلى ، عن أبي رافع قال : أضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيفا ، فأرسلني إلى رجل من اليهود : أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب ، فقال : لا إلا برهن فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فقال : أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض . فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية : لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم [ طه : 131 ] .

الأنبياء : استثني منها أفلا يرون أنا نأتي الأرض [ الأنبياء : 44 ] الآية .

الحج : تقدم ما يستثنى منها .

المؤمنون : استثني منها : حتى إذا أخذنا مترفيهم ، إلى قوله ( مبلسون ) [ 64 - 77 ] .

الفرقان : استثني منها : والذين لا يدعون إلى ( رحيما ) [ الفرقان : 68 - 70 ] .

الشعراء : استثنى ابن عباس منها والشعراء [ 224 - 227 ] . إلى آخرها ، كما تقدم . زاد غيره قوله : أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل [ 197 ] حكاه ابن الفرس .

القصص : استثني منها : الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله : الجاهلين [ 52 - 55 ] ، فقد أخرج الطبراني ، عن ابن عباس : أنها نزلت هي وآخر الحديد في أصحاب النجاشي الذين قدموا وشهدوا وقعة أحد ، وقوله : إن الذي فرض عليك القرآن الآية [ 85 ] . لما سيأتي .

العنكبوت : استثني من أولها إلى : وليعلمن المنافقين [ العنكبوت : 11 ] لما أخرجه ابن جرير في سبب نزولها .

[ ص: 77 ] قلت : ويضم إليه وكأين من دابة [ العنكبوت : 60 ] الآية ، لما أخرجه ابن أبي حاتم في سبب نزولها .

لقمان : استثنى منها ابن عباس ولو أنما في الأرض [ لقمان : 27 - 29 ] الآيات الثلاث كما تقدم .

السجدة : استثنى منها ابن عباس : أفمن كان مؤمنا [ السجدة : 18 - 20 ] . الآيات الثلاث كما تقدم . وزاد غيره تتجافى جنوبهم [ السجدة : 16 ] . ويدل له ما أخرجه البزار عن بلال ، قال : كنا نجلس في المسجد ، وناس من الصحابة يصلون بعد المغرب إلى العشاء ، فنزلت .

سبأ : استثني منها : ويرى الذين أوتوا العلم [ سبأ : 6 ] الآية . وروى الترمذي عن فروة بن مسيك المرادي ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، ألا أقاتل من أدبر من قومي . . . الحديث ، وفيه : وأنزل في سبأ ما أنزل ، فقال رجل : يا رسول الله ، وما سبأ ؟ . . . الحديث .

[ ص: 78 ] قال ابن الحصار : هذا يدل على أن هذه القصة مدنية ; لأن مهاجرة فروة بعد إسلام ثقيف سنة تسع .

قال : ويحتمل أن يكون قوله : ( وأنزل ) حكاية عما تقدم نزوله قبل هجرته .

يس : استثني منها : إنا نحن نحيي الموتى الآية [ يس : 12 ] . لما أخرجه الترمذي والحاكم ، عن أبي سعيد ، قال : كانت بنو سلمة في ناحية المدينة ، فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد ، فنزلت هذه الآية . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إن آثاركم تكتب فلم ينتقلوا .

واستثنى بعضهم وإذا قيل لهم أنفقوا الآية [ يس : 47 ] قيل : نزلت في المنافقين .

الزمر : استثني منها : قل ياعبادي [ الزمر : 53 - 55 ] الآيات الثلاث ، كما تقدم عن ابن عباس .

وأخرج الطبراني من وجه آخر عنه : أنها نزلت في وحشي قاتل حمزة ، وزاد بعضهم : قل ياعبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم [ الزمر : 10 ] الآية ، وذكره السخاوي في " جمال القراء " .

وزاد غيره الله نزل أحسن الحديث الآية . [ الزمر : 23 ] وحكاه ابن الجزري .

غافر : استثني منها : إن الذين يجادلون إلى قوله لا يعلمون [ 56 - 57 ] . فقد أخرج ابن أبي حاتم ، عن أبي العالية وغيره : أنها نزلت في اليهود لما ذكروا الدجال ، وأوضحته في أسباب النزول .

الشورى : استثني منها أم يقولون افترى إلى قوله ( بصير ) [ 24 - 27 ] .

قلت : بدلالة ما أخرجه الطبراني والحاكم في سبب نزولها ، فإنها نزلت في الأنصار . وقوله ( ولو بسط ) الآية [ 27 ] نزلت في أصحاب الصفة .

[ ص: 79 ] واستثنى بعضهم : والذين إذا أصابهم البغي إلى قوله من سبيل [ الشورى : 39 - 41 ] حكاه ابن الفرس .

الزخرف : استثني منها واسأل من أرسلنا الآية [ الزخرف : 45 ] . قيل : نزلت بالمدينة وقيل : في السماء .

الجاثية : استثني منها قل للذين آمنوا [ الجاثية : 14 ] . الآية حكاه في " جمال القراء " عن قتادة .

الأحقاف : استثني منها : قل أرأيتم إن كان من عند الله [ الأحقاف : 10 ] الآية ، فقد أخرج الطبراني بسند صحيح ، عن عوف بن مالك الأشجعي : أنها نزلت بالمدينة في قصة إسلام عبد الله بن سلام . وله طرق أخرى ، لكن أخرج ابن أبي حاتم ، عن مسروق قال : أنزلت هذه الآية بمكة ، وإنما كان إسلام ابن سلام بالمدينة ، وإنما كانت خصومة خاصم بها محمدا - صلى الله عليه وسلم - . وأخرج عن الشعبي ، قال : ليس بعبد الله بن سلام ، وهذه الآية مكية .

واستثنى بعضهم : ووصينا الإنسان [ الأحقاف : 15 ] الآيات الأربع . وقوله فاصبر كما صبر أولو العزم الآية . [ الأحقاف : 35 ] الآية ، حكاه في " جمال القراء " .

ق : استثني منها : ولقد خلقنا السماوات إلى لغوب [ ق : 38 ] . فقد أخرج الحاكم وغيره أنها نزلت في اليهود .

النجم : استثني منها : الذين يجتنبون [ النجم : 32 ] إلى ( اتقى ) وقيل : أفرأيت الذي تولى [ النجم : 33 ] الآيات التسع .

القمر : قوله : استثني منها : ( سيهزم الجمع ) الآية [ القمر : 45 ] . وهو مردود لما سيأتي في النوع الثاني عشر . وقيل : ( إن المتقين ) الآيتين [ 54 - 55 ] .

الرحمن : استثني منها : ( يسأله ) [ 29 ] ، حكاه في " جمال القراء " .

الواقعة : استثني منها : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين [ الواقعة : 39 - 40 ] وقوله فلا أقسم بمواقع النجوم إلى ( تكذبون ) [ الواقعة : 75 - 82 ] ، لما أخرجه مسلم في سبب نزولها .

[ ص: 80 ] الحديد : يستثنى منها على القول بأنها مكية آخرها .

المجادلة : استثني منها : ما يكون من نجوى ثلاثة [ المجادلة : 7 ] الآية حكاه ابن الفرس وغيره .

التغابن : يستثنى منها على أنها مكية آخرها ، لما أخرجه الترمذي والحاكم في سبب نزولها .

التحريم : تقدم عن قتادة : أن المدني منها إلى رأس العشر ، والباقي مكي .

تبارك : أخرج جويبر في تفسيره ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : أنزلت الملك في أهل مكة إلا ثلاث آيات .

ن : استثني منها : ( إنا بلوناهم ) إلى ( يعلمون ) [ 17 - 33 ] ومن ( فاصبر ) إلى ( الصالحين ) [ ن : 48 - 50 ] فإنه مدني ، حكاه السخاوي في " جمال القراء " .

المزمل : استثني منها : واصبر على ما يقولون [ المزمل : 10 - 11 ] الآيتين حكاه الأصبهاني ، وقوله : ( إن ربك يعلم ) [ المزمل : 20 ] إلى آخر السورة ، حكاه ابن الفرس ، ويرده ما أخرجه الحاكم ، عن عائشة : أنه نزل بعد نزول صدر السورة بسنة ، وذلك حين فرض قيام الليل في أول الإسلام ، قبل فرض الصلوات الخمس .

الإنسان : استثني منها : فاصبر لحكم ربك [ الإنسان : 24 ] .

المرسلات : استثني منها وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون [ المرسلات : 48 ] حكاه ابن الفرس ، وغيره .

المطففين : قيل : مكية ، إلا ست آيات من أولها .

البلد : قيل : مدنية ، إلا أربع آيات من أولها .

[ ص: 81 ] الليل : قيل : مكية ، إلا أولها .

أرأيت : نزل ثلاث آيات من أولها بمكة ، والباقي بالمدينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية