صفحة جزء
مسألة : وتسن القراءة بالتدبر والتفهم : فهو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم ، وبه تنشرح الصدور ، وتستنير القلوب ، قال تعالى كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته [ ص : 29 ] .

وقال أفلا يتدبرون القرآن [ النساء : 82 ] .

وصفة ذلك : أن يشغل قلبه بالتفكير في معنى ما يلفظ به ، فيعرف معنى كل آية ، ويتأمل الأوامر والنواهي ، ويعتقد قبول ذلك ; فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر ، وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل ، أو عذاب أشفق وتعوذ ، أو تنزيه نزه وعظم ، أو دعاء تضرع وطلب .

أخرج مسلم عن حذيفة قال صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ، فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها ، ثم آل عمران فقرأها ، يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ .

[ ص: 344 ] وروى أبو داود والنسائي وغيرهما ، عن عوف بن مالك قال : قمت مع النبي ليلة ، فقام فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ .

وأخرج أبو داود والترمذي حديث : من قرأ والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها ، فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى آخرها أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل : بلى ، ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل : آمنا بالله .

[ ص: 345 ] وأخرج أحمد وأبو داود عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال : " سبحان ربي الأعلى " .

وأخرج الترمذي والحاكم ، عن جابر قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا ، فقال : لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن مردودا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا : ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب ، فلك الحمد .

وأخرج ابن مردويه والديلمي وابن أبي الدنيا في الدعاء - وغيرهم - بسند ضعيف جدا ، [ ص: 346 ] عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية ، فقال : اللهم أمرت بالدعاء ، وتكفلت بالإجابة ، لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك ، أشهد أنك فرد أحد صمد ، لم تلد ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد ، وأشهد أن وعدك حق ، ولقاءك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنك تبعث من في القبور .

وأخرج أبو داود وغيره ، عن وائل بن حجر : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ ولا الضالين فقال : آمين يمد بها صوته .

[ ص: 347 ] وأخرجه الطبراني بلفظ قال : آمين ثلاث مرات ، وأخرجه البيهقي بلفظ قال : رب اغفر لي آمين .

وأخرج أبو عبيد ، عن أبي ميسرة : أن جبريل لقن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند خاتمة البقرة " آمين " .

وأخرج عن معاذ بن جبل : أنه كان إذا ختم سورة البقرة قال : آمين .

[ ص: 348 ] قال النووي : ومن الآداب إذا قرأ نحو : وقالت اليهود عزير ابن الله [ التوبة : 30 ] وقالت اليهود يد الله مغلولة [ المائدة : 64 ] . أن يخفض بها صوته . كذا كان النخعي يفعل .

التالي السابق


الخدمات العلمية