صفحة جزء
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ( 118 ) ) .

قوله تعالى : ( من دونكم ) : صفة لبطانة . قيل : من زائدة ; لأن المعنى بطانة دونكم في العمل والإيمان . ( لا يألونكم ) : في موضع نعت لبطانة ، أو حال مما تعلقت به من ، ويألوا يتعدى إلى مفعول واحد . و ( خبالا ) : على التمييز ، ويجوز أن يكون انتصب لحذف حرف الجر ، تقديره : لا يألونكم في تخبيلكم . ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ) . ( ودوا ) : مستأنف . ويجوز أن يكون حالا من الضمير في يألونكم ، وقد معه مرادة ، وما مصدرية ; أي عنتكم . ( قد بدت البغضاء ) : حال أيضا ; ويجوز أن يكون مستأنفا . ( من أفواههم ) : مفعول بدت ، ومن لابتداء الغاية ، ويجوز أن يكون حالا ; أي ظهرت خارجة من أفواههم .

قال تعالى : ( ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور ( 119 ) ) .

قوله تعالى : ( ها أنتم أولاء تحبونهم ) : قد ذكر إعرابه في قوله : ( ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) [ البقرة : 85 ] ( بالكتاب كله ) : الكتاب هنا جنس ; أي بالكتب كلها ، وقيل : [ ص: 230 ] هو واحد . ( عضوا عليكم ) : عليكم مفعول عضوا . ويجوز أن يكون حالا ; أي حنقين عليكم . ( من الغيظ ) : متعلق بعضوا أيضا ، ومن لابتداء الغاية ; أي من أجل الغيظ ; ويجوز أن يكون حالا ; أي مغتاظين . ( بغيظكم ) : يجوز أن يكون مفعولا به كما تقول مات بالسم ; أي بسببه ، ويجوز أن يكون حالا ; أي موتوا مغتاظين .

قال تعالى : ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط ( 120 ) ) .

قوله تعالى : ( لا يضركم ) : يقرأ بكسر الضاد وإسكان الراء على أنه جواب الشرط ، وهو من ضار يضير ضيرا بمعنى ضر ، ويقال فيه ضاره يضوره بالواو ، ويقرأ بضم الضاد وتشديد الراء وضمها ، وهو من ضر يضر ، وفي رفعه ثلاثة أوجه : أحدها : أنه في نية التقديم ; أي لا يضركم كيدهم شيئا إن تتقوا ، وهو قول سيبويه . والثاني : أنه حذف الفاء ، وهو قول المبرد ، وعلى هذين القولين الضمة إعراب . والثالث : أنها ليست إعرابا ; بل لما اضطر إلى التحريك حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد ، وقيل : حركها بحركتها الإعرابية المستحقة لها في الأصل ، ويقرأ بفتح الراء على أنه مجزوم حرك بالفتح لالتقاء الساكنين ، إذ كان أخف من الضم والكسر . ( شيئا ) : مصدر ; أي ضررا .

قال تعالى : ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم ( 121 ) ) .

قوله تعالى : ( وإذ غدوت ) : أي واذكر . ( من أهلك ) : من لابتداء الغاية ; والتقدير : من بين أهلك ، وموضعه نصب تقديره : فارقت أهلك . و ( تبوئ ) : حال ، وهو يتعدى إلى مفعول بنفسه ، وإلى آخر تارة بنفسه ، وتارة بحرف الجر ، فمن الأول هذه الآية ; فالأول " المؤمنين " . والثاني : " مقاعد " ومن الثاني : ( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ) [ الحج : 26 ] وقيل : اللام فيه زائدة . ( للقتال ) : يتعلق بـ ( تبوئ ) . ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أن يكون صفة لمقاعد ، ولا يجوز أن يتعلق بمقاعد ; لأن المقعد هنا المكان وذلك لا يعمل .

قال تعالى : ( إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 122 ) ) .

قوله تعالى : ( إذ همت ) : إذ ظرف لـ ( عليم ) . ويجوز أن يكون ظرفا لـ ( تبوئ ) ، وأن يكون [ ص: 231 ] لـ ( غدوت ) . ( أن تفشلا ) : تقديره : بأن تفشلا ; فموضعه نصب ، أو جر على ما ذكرنا من الخلاف . ( وعلى ) : يتعلق بيتوكل ، دخلت الفاء لمعنى الشرط ، والمعنى إن فشلوا فتوكلوا أنتم ، وإن صعب الأمر فتوكلوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية