صفحة جزء
[ ص: 245 ] قال تعالى : ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ( 173 ) ) .

قوله تعالى : ( الذين قال لهم الناس ) : بدل من الذين استجابوا أو صفة .

( فزادهم إيمانا ) : الفاعل مضمر تقديره : زادهم القول . ( حسبنا الله ) : مبتدأ وخبر ، وحسب مصدر في موضع اسم الفاعل تقديره : فحسبنا الله ; أي كافينا . يقال أحسبني الشيء ; أي كفاني .

قال تعالى : ( فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم ( 174 ) ) .

قوله تعالى : ( بنعمة من الله ) : في موضع الحال .

ويجوز أن يكون مفعولا به . ( لم يمسسهم ) : حال أيضا من الضمير في انقلبوا . ويجوز أن يكون العامل فيها بنعمة ، وصاحب الحال الضمير في الحال ; تقديره : فانقلبوا منعمين بريئين من سوء . ( واتبعوا ) : معطوف على انقلبوا ، ويجوز أن يكون حالا ; أي وقد اتبعوا .

قال تعالى : ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ( 175 ) ) .

قوله تعالى : ( ذلكم ) : مبتدأ ، و " الشيطان " : خبره .

و ( يخوف ) : يجوز أن يكون حالا من الشيطان ، والعامل الإشارة ، ويجوز أن يكون الشيطان بدلا أو عطف بيان ، ويخوف الخبر ، والتقدير : يخوفكم بأوليائه ، وقرئ في الشذوذ " يخوفكم أولياؤه " وقيل : لا حذف فيه ، والمعنى يخوف من يتبعه ، فأما من توكل على الله فلا يخافه . ( فلا تخافوهم ) : إنما جمع الضمير ; لأن الشيطان جنس ، ويجوز أن يكون الضمير للأولياء .

قال تعالى : ( ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم ( 176 ) ) .

قوله تعالى : ( لا يحزنك ) : الجمهور على فتح الياء وضم الزاي ، والماضي حزنه .

[ ص: 246 ] ويقرأ بضم الياء وكسر الزاي ، والماضي أحزن ، وهي لغة قليلة ، وقيل : حزن حدث له الحزن ، وحزنته أحدثت له الحزن ، وأحزنته عرضته للحزن . ( يسارعون ) : يقرأ بالإمالة والتفخيم ، ويقرأ يسرعون بغير ألف من أسرع . ( شيئا ) : في موضع المصدر ; أي ضررا .

قال تعالى : ( ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ( 178 ) ) .

قوله تعالى : ( ولا يحسبن الذين كفروا ) : يقرأ بالياء وفاعله الذين كفروا ، وأما المفعولان فالقائم مقامهما قوله " أنما نملي لهم خير لأنفسهم " فإن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين عند سيبويه . وعند الأخفش المفعول الثاني محذوف تقديره : نافعا أو نحو ذلك . وفي " ما " وجهان أحدهما : هي بمعنى الذي . والثاني : مصدرية ، ولا يجوز أن تكون كافة ولا زائدة ، إذ لو كان كذلك لانتصب خير بنملي ، واحتاجت أن إلى خبر ، إذا كانت ما زائدة ، أو قدر الفعل يليها ، وكلاهما ممتنع . وقد قرئ شاذا بالنصب على أن يكون لأنفسهم خبر أن ، ولهم تبيين أو حال من خير ، وقد قرئ في الشاذ بكسر إن ، وهو جواب قسم محذوف ، والقسم وجوابه يسدان مسد المفعولين ، وقرأ حمزة ( تحسبن ) : بالتاء على الخطاب للنبي الذين كفروا المفعول الأول وفي المفعول الثاني وجهان أحدهما الجملة من أن وما عملت فيه والثاني : أن المفعول الأول محذوف أقيم المضاف إليه مقامه والتقدير : ولا تحسبن إملاء الذين كفروا . وقوله : أنما نملي لهم بدل من المضاف المحذوف والجملة سدت مسد المفعولين والتقدير : ولا تحسبن أن إملاء الذين كفروا خير لأنفسهم ويجوز أن تجعل أن وما عملت فيه بدلا من الذين كفروا بدل الاشتمال والجملة سدت مسد المفعولين .

( إنما نملي لهم ليزدادوا ) : مستأنف ، وقيل : أنما نملي لهم تكرير للأول وليزدادوا هو المفعول الثاني لتحسب على قراءة التاء ، والتقدير : ولا تحسبن يا محمد إملاء الذين كفروا خيرا ليزدادوا إيمانا ; بل ليزدادوا إثما ، ويروى عن بعض الصحابة أنه قرأه كذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية