صفحة جزء
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) ( 57 ) .

قوله تعالى : ( من الذين أوتوا الكتاب ) : في موضع الحال من " الذين " الأولى ، أو من الفاعل في " اتخذوا " . ( والكفار ) : يقرأ بالجر عطفا على الذين المجرورة ، وبالنصب عطفا على الذين المنصوبة ، والمعنيان صحيحان .

قال تعالى : ( وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) ( 58 ) .

قوله تعالى : ( ذلك بأنهم ) : ذلك مبتدأ ، وما بعده الخبر ؛ أي : ذلك بسبب جهلهم ؛ أي : واقع بسبب جهلهم .

قال تعالى : ( قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ) ( 59 ) .

[ ص: 335 ] قوله تعالى : ( هل تنقمون ) : يقرأ بإظهار اللام على الأصل ، وبإدغامها في التاء ؛ لقربها منها في المخرج ، ويقرأ " تنقمون " بكسر القاف وفتحها ، وهو مبني على الماضي ، وفيه لغتان : نقم ينقم ونقم ينقم . و ( منا ) : مفعول تنقمون الثاني ، وما بعد إلا هو المفعول الأول ، ولا يجوز أن يكون منا حالا من أن والفعل ؛ لأمرين : أحدهما : تقدم الحال على إلا . والثاني : تقدم الصلة على الموصول ؛ والتقدير : هل تكرهون منا إلا إيماننا .

وأما قوله : " وأن أكثركم فاسقون " ففي موضعه وجهان : أحدهما : أنه معطوف على أن آمنا ، والمعنى على هذا إنكم كرهتم إيماننا وامتناعكم ؛ أي : كرهتم مخالفتنا إياكم ، وهذا كقولك للرجل ما كرهت مني إلا أنني محبب إلى الناس ، وأنت مبغض ، وإن أن آمنا بالله ، وبأن أكثركم فاسقون .

قال تعالى : ( قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ) ( 60 ) .

قوله تعالى : ( مثوبة ) : منصوب على التمييز ، والمميز بشر ، ويقرأ " مثوبة " بسكون الثاء وفتح الواو ، وقد ذكر في البقرة . و ( عند الله ) : صفة لـ " مثوبة " . ( من لعنه ) : في موضع من ثلاثة أوجه : أحدها : هو في موضع جر بدلا من شر . والثاني : هو في موضع نصب بفعل دل عليه أنبئكم ؛ أي : أعرفكم من لعنه الله . والثالث : هو في موضع رفع ؛ أي : هو من لعنه الله .

( وعبد الطاغوت ) : يقرأ بفتح العين والباء ، ونصب الطاغوت على أنه فعل معطوف على لعن ، ويقرأ بفتح العين وضم الباء ، وجر الطاغوت ، وعبد هنا اسم مثل يقظ وندس ، وهو في معنى الجمع ، وما بعده مجرور بإضافته إليه ، وهو منصوب بجعل ، ويقرأ بضم العين والباء ، ونصب الدال وجر ما بعده ، وهو جمع عبد مثل سقف وسقف ، أو عبيد مثل قتيل وقتل ، أو عابد مثل نازل ونزل ، أو عباد مثل كتاب وكتب ، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر .

[ ص: 336 ] ويقرأ : " عبد الطاغوت " بضم العين ، وفتح الباء ، وتشديدها مثل ضارب وضرب ، ويقرأ " عباد الطاغوت " مثل صائم وصوام . ويقرأ " عباد الطاغوت " وهو ظاهر مثل صائم وصيام . ويقرأ : " وعابد الطاغوت " و " عبد الطاغوت " على أنه صفة مثل حطم . ويقرأ " وعبد الطاغوت " على أنه فعل ما لم يسم فاعله . والطاغوت مرفوع ، ويقرأ " وعبد " مثل ظرف ؛ أي : صار ذلك للطاغوت كالغريزي . ويقرأ " وعبدة الطاغوت " وهو جمع عابد ، مثل قاتل وقتلة .

قال تعالى : ( وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون ) ( 61 ) .

قوله تعالى : ( وقد دخلوا ) : في موضع الحال من الفاعل في قالوا ، أو من الفاعل في آمنا . و ( بالكفر ) : في موضع الحال من الفاعل في دخلوا ؛ أي : دخلوا كفارا . ( وهم قد خرجوا ) : حال أخرى . ويجوز أن يكون التقدير : وقد كانوا خرجوا به .

قال تعالى : ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ) ( 62 ) .

قوله تعالى : ( وأكلهم ) : المصدر مضاف إلى الفاعل . و ( السحت ) : مفعوله ، ومثله ( عن قولهم الإثم ) [ المائدة : 63 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية