صفحة جزء
قال تعالى : ( وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) ( 81 ) .

قوله تعالى : ( وكيف أخاف ) : كيف حال ، والعامل فيها أخاف ، وقد ذكر .

و ( ما أشركتم ) : يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، والعائد [ ص: 383 ] محذوف ؛ وأن تكون مصدرية . ( ما لم ) : " ما " بمعنى الذي ؛ ، أو نكرة موصوفة ، وهي في موضع نصب بأشركتم .

و ( عليكم ) : متعلق بـ " ينزل " . ويجوز أن يكون حالا من سلطان ؛ أي : ما لم ينزل به حجة عليكم ، والسلطان مثل الرضوان والكفران . وقد قرئ بضم اللام ، وهي لغة أتبع فيها الضم .

قال تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) ( 82 ) .

قوله تعالى : ( الذين آمنوا ) : فيه وجهان : أحدهما : هو خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : هم الذين . والثاني : هو مبتدأ ، و ( أولئك ) : بدل منه ، أو مبتدأ ثان .

( لهم الأمن ) : مبتدأ وخبر ، والجملة خبر لما قبلها ، ويجوز أن يكون الأمن مرفوعا بالجار ؛ لأنه معتمد على ما قبله .

قال تعالى : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ) ( 83 ) .

قوله تعالى : ( وتلك ) : هو مبتدأ . وفي ( حجتنا ) : وجهان : أحدهما : هو بدل من تلك . وفي ( آتيناها ) : وجهان : أحدهما : هو خبر عن المبتدأ . و ( على قومه ) : متعلق بمحذوف ؛ أي : آتيناها إبراهيم حجة على قومه ، أو دليلا . والثاني : أن تكون حجتنا خبر تلك ، وآتيناها في موضع الحال من الحجة ، والعامل معنى الإشارة . ولا يجوز أن يتعلق على بحجتنا ؛ لأنها مصدر ، وآتيناها خبر ، أو حال ، وكلاهما لا يفصل به بين الموصول والصلة .

( نرفع ) : يجوز أن يكون في موضع الحال من " آتيناها " ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويقرأ بالنون والياء ، وكذلك في نشاء ، والمعنى ظاهر .

( درجات ) : يقرأ بالإضافة ، وهو مفعول نرفع ، ورفع درجة الإنسان رفع له .

ويقرأ بالتنوين . و ( من ) : على هذا مفعول نرفع ، و " درجات " ظرف ، أو حرف الجر محذوف منها ؛ أي : إلى درجات .

[ ص: 384 ] قال تعالى : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ( 84 ) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين ( 85 ) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ) ( 86 ) .

قوله تعالى : ( كلا هدينا ) : كلا منصوب بهدينا ، والتقدير : كلا منهما .

( ونوحا هدينا ) : أي وهدينا نوحا ، والهاء في ( ذريته ) تعود على نوح ، والمذكورون بعده من الأنبياء ذرية نوح ، والتقدير : وهدينا من ذريته هؤلاء .

وقيل : تعود على إبراهيم ، وهذا ضعيف ؛ لأن من جملتهم لوطا ، وليس من ذرية إبراهيم .

( وكذلك نجزي ) : الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف ؛ أي : ونجزي المحسنين جزاء مثل ذلك . وأما ( عيسى ) : فقيل : هو أعجمي لا يعرف له اشتقاق ، وقيل : هو مشتق من العيس وهو البياض ، وقيل : من العيس ، وهو ماء الفحل ، وقيل : هو من عاس يعوس إذا أصلح ؛ فعلى هذا تكون الياء منقلبة عن واو .

وأما " اليسع " فيقرأ بلام ساكنة خفيفة ، وياء مفتوحة ، وفيه وجهان : أحدهما : هو اسم أعجمي علم ، والألف واللام فيه زائدة ، كما زيدت في النسر ، وهو الصنم ؛ لأنه صنم بعينه ، وكذلك قالوا في عمر والعمر ، وكذلك اللات والعزى .

والثاني : أنه عربي ، وهو فعل مضارع سمي به ، ولا ضمير فيه ، فأعرب ثم نكر ، ثم عرف بالألف واللام ؛ وقيل : اللام على هذا زائدة أيضا .

[ ص: 385 ] ويسع : أصله يوسع بكسر السين ، ثم حذفت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة ، ثم فتحت السين من أجل حرف الحلق ، ولم ترد الواو ؛ لأن الفتحة عارضة . ومثله يطأ ، ويقع ، ويدع . ( وكلا ) : منصوب بفضلنا .

قال تعالى : ( ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ) ( 87 ) .

قوله تعالى : ( ومن آبائهم ) : هو معطوف على " وكلا " ؛ أي : وفضلنا كلا من آبائهم ، أو وهدينا كلا من آبائهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية