صفحة جزء
قال تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ) ( 103 ) .

قوله تعالى : ( خذ من أموالهم ) : يجوز أن تكون " من " متعلقة بخذ ، وأن تكون حالا من " صدقة " .

( تطهرهم ) : في موضع نصب صفة لصدقة .

ويجوز أن يكون مستأنفا ، والتاء للخطاب ؛ أي : تطهرهم أنت .

( وتزكيهم ) : التاء للخطاب لا غير لقوله : " بها " ، ويجوز أن يكون " تطهرهم وتزكيهم بها " في موضع نصب صفة لصدقة مع قولنا إن التاء فيهما للخطاب ؛ لأن قوله : " تطهرهم " تقديره : بها ، ودل عليه " بها " الثانية ، وإذا كان فيهما ضمير الصدقة ، جاز أن يكون صفة لها .

[ ص: 490 ] ويجوز أن تكون الجملة حالا من ضمير الفاعل في " خذ " .

قوله تعالى : ( إن صلاتك ) : يقرأ بالإفراد ، والجمع ، وهما ظاهران .

و ( سكن ) : بمعنى مسكون إليها ؛ فلذلك لم يؤنثه ، وهو مثل القبض بمعنى المقبوض .

قال تعالى : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ) ( 104 ) .

قوله تعالى : ( هو يقبل ) : هو مبتدأ ، ويقبل الخبر ، ولا يجوز أن يكون " هو " فصلا ؛ لأن يقبل ليس بمعرفة ولا قريب منها .

قال تعالى : ( وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم ) ( 106 ) .

قوله تعالى : ( وآخرون مرجون ) : هو معطوف على : " وآخرون اعترفوا " ، ومرجون بالهمزة على الأصل ، وبغير همز ، وقد ذكر أصله في الأعراف .

( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ) : إما هاهنا : للشك ؛ والشك راجع إلى المخلوق ، وإذا كانت إما للشك جاز أن يليها الاسم ، وجاز أن يليها الفعل ، فإن كانت للتخيير ، ووقع الفعل بعدها ، كانت معه أن ؛ كقوله : ( إما أن تلقي ) [ الأعراف : 115 ] وقد ذكر .

قال تعالى : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون ) ( 107 ) .

قوله تعالى : ( والذين اتخذوا ) : يقرأ بالواو ، وفيه وجهان : أحدهما : هو معطوف على " وآخرون مرجون " ؛ أي : ومنهم الذين اتخذوا . والثاني : هو مبتدأ ، والخبر : ( أفمن أسس بنيانه ) ؛ أي : منهم ، فحذف العائد للعلم به .

ويقرأ بغير واو ؛ وهو مبتدأ ، والخبر ( أفمن أسس ) على ما تقدم .

( ضرارا ) : يجوز أن يكون مفعولا ثانيا لاتخذوا ، وكذلك ما بعده ، وهذه المصادر كلها واقعة موضع اسم الفاعل ؛ أي : مضرا ومفترقا ، ويجوز أن تكون كلها مفعولا له .

[ ص: 491 ] قال تعالى : ( لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) ( 108 ) .

قوله تعالى : ( لمسجد ) : اللام لام الابتداء ، وقيل : جواب قسم محذوف ، و " أسس " نعت له .

و ( من أول ) : يتعلق‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌ ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌بأسس ؛ والتقدير عند بعض البصريين : من تأسيس أول يوم ؛ لأنهم يرون أن " من " لا تدخل على الزمان ، وإنما ذلك لمنذ ، وهذا ضعيف هاهنا ؛ لأن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى تكون " من " لابتداء غايته ، ويدل على جواز دخول " من " على الزمان ما جاء في القرآن من دخولها على " قبل " التي يراد بها الزمان ، وهو كثير في القرآن وغيره .

والخبر : ( أحق أن تقوم ) و " فيه " الأولى تتعلق بـ " تقوم " ، والتاء لخطاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

( فيه رجال ) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : هو صفة لمسجد جاءت بعد الخبر . والثاني : أن الجملة حال من الهاء في " فيه " الأولى ، والعامل فيه " تقوم " . والثالث : هي مستأنفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية