صفحة جزء
[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

سورة يونس

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : ( الر تلك آيات الكتاب الحكيم ( 1 ) ) .

قد تقدم القول على الحروف المقطعة في أول البقرة ، والأعراف ، ويقاس الباقي عليهما . و ( الحكيم ) : بمعنى المحكم . وقيل : هو بمعنى الحاكم .

قال تعالى : ( أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( 2 ) ) .

قوله تعالى : ( أكان للناس عجبا أن أوحينا ) : اسم كان . وخبرها عجبا ، و ( للناس ) : حال من عجب ; لأن التقدير أكان عجبا للناس . وقيل : هو متعلق بكان . وقيل : هو يتعلق بعجب على التبيين . وقيل : ( عجب ) : هنا بمعنى معجب ; والمصدر إذا وقع موقع اسم مفعول أو فاعل ، جاز أن يتقدم معموله عليه كاسم المفعول .

( أن أنذر الناس ) : يجوز أن تكون أن مصدرية ، فيكون موضعها نصبا بأوحينا ، وأن تكون بمعنى أي ، فلا يكون لها موضع .

قال تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون ( 3 ) ) قوله تعالى : ( يدبر الأمر ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا .

قال تعالى : ( إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ( 4 ) ) [ ص: 4 ] قوله تعالى : ( وعد الله ) : هو منصوب على المصدر بفعل دل عليه الكلام ، وهو قوله : ( إليه مرجعكم ) ; لأن هذا وعد منه سبحانه بالبعث .

و ( حقا ) : مصدر آخر ، تقديره حق ذلك حقا .

( إنه يبدأ ) : الجمهور على كسر الهمزة على الاستئناف ; وقرئ بفتحها; والتقدير : حق أنه يبدأ ، فهو فاعل . ويجوز أن يكون التقدير : لأنه يبدأ . وماضي يبدأ : بدأ ، وفيه لغة أخرى : أبدأ . ( بما كانوا ) : في موضع رفع صفة أخرى لعذاب ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف .

قال تعالى : ( هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ( 5 ) ) .

قوله تعالى : ( جعل الشمس ضياء ) : مفعولان ; ويجوز أن يكون ( ضياء ) حالا ، وجعل بمعنى خلق ، والتقدير : ذات ضياء .

وقيل الشمس هي الضياء . والياء منقلبة عن واو ، لقولك ضوء ، والهمزة أصل . ويقرأ بهمزتين بينهما ألف . والوجه فيه أن يكون أخر الياء وقدم الهمزة ، فلما وقعت الياء طرفا بعد ألف زائدة قلبت همزة عند قوم ، وعند آخرين ألفا ، ثم قلبت الألف همزة لئلا يجتمع ألفان . ( والقمر نورا ) : أي ذا نور . وقيل المصدر بمعنى فاعل ; أي منيرا . ( وقدره منازل ) : أي وقدر له ، فحذف حرف الجر . وقيل التقدير : قدره ذا منازل . " وقدر " على هذا متعدية إلى مفعولين ; لأن معناه جعل وصير .

ويجوز أن يكون قدر متعديا إلى واحد بمعنى خلق . ومنازل : حال ، أي منتقلا .

قال تعالى : ( إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون ( 7 ) أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( إن الذين لا يرجون ) : خبر إن : ( أولئك مأواهم النار ) ; فأولئك مبتدأ ، ومأواهم مبتدأ ثان ، والنار خبره ، والجملة خبر أولئك . ( بما كانوا ) : الباء متعلقة بفعل محذوف دل عليه الكلام ; أي جوزوا بما كانوا يكسبون .

التالي السابق


الخدمات العلمية