صفحة جزء
[ ص: 5 ] قال تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ( 9 ) ) .

قوله تعالى : ( تجري من تحتهم ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهديهم . والمعنى : يهديهم في الجنة إلى مراداتهم في هذه الحال .

( في جنات ) : يجوز أن يتعلق بتجري ، وأن يكون حالا من الأنهار ، وأن يكون متعلقا بيهدي ، وأن يكون حالا من ضمير المفعول في يهدي ، وأن يكون خبرا ثانيا لإن .

قال تعالى : ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( 10 ) ) .

قوله تعالى : ( دعواهم ) : مبتدأ . ( سبحانك ) : منصوب على المصدر ، وهو تفسير الدعوى ; لأن المعنى : قولهم سبحانك اللهم . و : ( فيها ) : متعلق بتحية . ( أن الحمد ) : أن مخففة من الثقيلة .

ويقرأ " أن " بتشديد النون ، وهي مصدرية . والتقدير : آخر دعواهم حمد الله .

قال تعالى : ( ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون ( 11 ) ) .

قوله تعالى : ( الشر ) : هو مفعول يعجل .

و ( استعجالهم ) : تقديره تعجيلا مثل استعجالهم ; فحذف المصدر وصفته المضافة ، وأقام المضاف إليه مقامهما .

وقال بعضهم : هو منصوب على تقدير حذف حرف الجر ; أي كاستعجالهم ; وهو بعيد ; إذ لو جاز ذلك ، لجاز زيد غلام عمرو ; وبهذا ضعفه جماعة . وليس بتضعيف صحيح ; إذ ليس في المثال الذي ذكر فعل يتعدى بنفسه عند حذف الجار ; وفي الآية فعل يصح فيه ذلك ; وهو قوله : " يعجل " .

( فنذر ) : هو معطوف على فعل محذوف ، تقديره : ولكن نمهلهم فنذر ; ولا يجوز أن يكون معطوفا على ( يعجل ) ; إذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذي تقتضيه ( لو ) وليس كذلك ; لأن التعجيل لم يقع ، وتركهم في طغيانهم وقع .

[ ص: 6 ] قال تعالى : ( وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( لجنبه ) : في موضع الحال ; أي دعانا مضطجعا . ومثله ( قاعدا أو قائما ) : وقيل : العامل في هذه الأحوال مس ، وهو ضعيف لأمرين : أحدهما : أن الحال على هذا واقعة بعد جواب إذا وليس بالوجه . والثاني : أن المعنى كثرة دعائه في كل أحواله ، لا على أن الضر يصيبه في كل أحواله ;وعليه جاءت آيات كثيرة في القرآن .

( كأن لم يدعنا ) : في موضع الحال من الفاعل في " مر " .

( إلى ضر ) : أي إلى كشف ضر . واللام في لجنبه على أصلها عند البصريين ، والتقدير دعانا ملقيا لجنبه .

قال تعالى : ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ( 13 ) ) .

قوله تعالى : ( من قبلكم ) : متعلق بأهلكنا وليس بحال من القرون ; لأنه زمان .

و ( وجاءتهم رسلهم ) : يجوز أن يكون حالا ; أي وقد جاءتهم ويجوز أن يكون معطوفا على ظلموا .

قال تعالى : ( ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ( 14 ) ) .

قوله تعالى : ( لننظر ) : يقرأ في الشاذ بنون واحدة وتشديد الظاء ، ووجهها أن النون الثانية قلبت ظاء وأدغمت .

قال تعالى : ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ( 16 ) ) .

قوله تعالى : ( ولا أدراكم به ) : هو فعل ماض ، من دريت ، والتقدير : لو شاء الله لما أعلمكم بالقرآن . ويقرأ ولأدراكم به على الإثبات ; والمعنى ولو شاء الله لأعلمكم به بلا واسطة .

ويقرأ في الشاذ " ولا أدرأكم به " بالهمزة مكان الألف قيل : هي لغة لبعض العرب يقلبون الألف المبدلة من ياء همزة . وقيل هو غلط ; لأن قارئها ظن أنه من الدرء ، وهو الدفع . وقيل ليس بغلط والمعنى : ولو شاء الله لدفعكم عن الإيمان به .

[ ص: 7 ] ( عمرا ) : ينتصب نصب الظروف ; أي مقدار عمر ، أو مدة عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية