صفحة جزء
قال تعالى : ( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ ( 69 ) ) .

قوله تعالى : ( بالبشرى ) : في موضع الحال من الرسل .

( قالوا سلاما ) : في نصبه وجهان : أحدهما : هو مفعول به على المعنى كأنه قال : ذكروا سلاما . والثاني : هو مصدر : أسلموا سلاما .

[ ص: 36 ] وأما ( سلام ) الثاني فمرفوع على وجهين : أحدهما : هو خبر مبتدأ محذوف ; أي أمري سلام ، أو جوابي ، أو قولي . والثاني : هو مبتدأ ، والخبر محذوف ; أي سلام عليكم .

وقد قرئ على غير هذا الوجه بشيء هو ظاهر في الإعراب .

( أن جاء ) : في موضعه ثلاثة أوجه :

أحدها : جر ، تقديره : عن أن جاء ; لأن لبث بمعنى تأخر . والثاني : نصب ، وفيه وجهان ; أحدهما : أنه لما حذف حرف الجر وصل الفعل بنفسه ، والثاني : هو محمول على المعنى ; أي لم يترك الإتيان بعجل . والثالث : رفع على وجهين أيضا ; أحدهما : فاعل لبث ; أي فما أبطأ مجيئه . والثاني : أن " ما " بمعنى الذي وهو مبتدأ ، و " أن جاء " خبره ; تقديره : والذي لبثه إبراهيم عليه السلام قدر مجيئه ، أو مصدرية ; أي لبثه مقدار مجيئه .

قال تعالى : ( وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( وامرأته قائمة ) : الجملة حال من ضمير الفاعل في " أرسلنا "

( فضحكت ) : الجمهور على كسر الحاء . وقرئ بفتحها ; والمعنى : حاضت ، يقال : ضحكت الأرنب بفتح الحاء .

( ومن وراء إسحاق يعقوب ) : يقرأ بالرفع ; وفيه وجهان : أحدهما هو مبتدأ ، وما قبله الخبر . والثاني : هو مرفوع بالظرف .

ويقرأ بفتح الباء ، وفيه وجهان :

أحدهما : أن الفتحة هنا للنصب ، وفيه وجهان ; أحدهما : هو معطوف على موضع " بإسحاق " . والثاني : هو منصوب بفعل محذوف دل عليه الكلام تقديره : ووهبنا له من وراء إسحاق يعقوب . والوجه الثاني : أن الفتحة للجر ، وهو معطوف على لفظ إسحاق ; أي فبشرناها بإسحاق ويعقوب . وفي وجهي العطف قد فصل بين يعقوب وبين الواو العاطفة بالظرف ، وهو ضعيف عند قوم ; وقد ذكرنا ذلك في سورة النساء .

قال تعالى : ( قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب ( 72 ) ) .

[ ص: 37 ] قوله تعالى : ( وهذا بعلي شيخا ) : هذا مبتدأ ، وبعلي خبره ، وشيخا : حال من " بعلي " مؤكدة ; إذ ليس الغرض الإعلام بأنه بعلها في حال شيخوخته دون غيرها ، والعامل في الحال معنى الإشارة والتنبيه ، أو أحدهما .

ويقرأ " شيخ " بالرفع . وفيه عدة أوجه ; أحدها : أن يكون " هذا " مبتدأ ، و " بعلي " بدلا منه ، و " شيخ " الخبر . والثاني : أن يكون " بعلي " عطف بيان ، و " شيخ " الخبر .

والثالث : أن يكون " بعلي " مبتدأ ثانيا ، و " شيخ " خبره ; والجملة خبر هذا . والرابع : أن يكون " بعلي " خبر المبتدأ ، و " شيخ " خبر مبتدأ محذوف ; أي هو شيخ . والخامس : أن يكون " شيخ " خبرا ثانيا . والسادس : أن يكون " بعلي " و " شيخ " جميعا خبرا واحدا ، كما نقول : هذا حلو حامض . والسابع : أن يكون " شيخ " بدلا من بعلي .

قال تعالى : ( قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ( 73 ) ) .

قوله تعالى : ( أهل البيت ) : تقديره : يا أهل البيت ، أو يكون منصوبا على التعظيم والتخصيص ; أي أعني .

ولا يجوز في الكلام جر مثل هذا على البدل ; لأن ضمير المخاطب لا يبدل منه إذا كان في غاية الوضوح .

قال تعالى : ( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط ( 74 ) ) .

قوله تعالى : ( وجاءته البشرى ) : هو معطوف على " ذهب " .

ويجوز أن يكون حالا من إبراهيم ، و " قد " مرادة .

فأما جواب " لما " ففيه وجهان ; أحدهما : هو محذوف تقديره : أقبل يجادلنا ، ويجادلنا - على هذا - حال . والثاني : أنه يجادلنا ، وهو مستقبل بمعنى الماضي ; أي جادلنا .

ويبعد أن يكون الجواب " جاءته البشرى " ; لأن ذلك يوجب زيادة الواو ، وهو ضعيف .

قال تعالى : ( إن إبراهيم لحليم أواه منيب ( 75 ) ) .

( أواه ) فعال من التأوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية