صفحة جزء
[ ص: 376 ] سورة فصلت .

بسم الله الرحمن الرحيم .

قال تعالى : ( حم ( 1 ) تنزيل من الرحمن الرحيم ( 2 ) كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( تنزيل من الرحمن ) : هو مثل أول السجدة . كتاب ؛ أي هو كتاب . ويجوز أن يكون مرفوعا بتنزيل ؛ أي نزل كتاب ؛ وأن يكون خبرا بعد خبر ، أو بدلا . و ( قرآنا ) : حال موطئة من " آياته " . ويجوز أن يكون حالا من " كتاب " لأنه قد وصف .

قال تعالى : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون ( 5 ) ) .

قوله تعالى : ( مما تدعونا ) : هو محمول على المعنى ؛ لأن معنى " في أكنة " : محجوبة عن سماع ما تدعونا إليه . ولا يجوز أن يكون نعتا لأكنة لأن الأكنة : الأغشية ، وليست الأغشية مما تدعونا إليه .

قال تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون ( 8 ) ) .

و ( ممنون ) : مفعول ، من مننت الحبل ؛ أي قطعته .

قال تعالى : ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ( 10 ) ) .

قوله تعالى : ( وجعل فيها ) : هو مستأنف غير معطوف على " خلق " لأنه لو كان معطوفا عليه لكان داخلا في الصلة ؛ ولا يجوز ذلك لأنه قد فصل بينهما بقوله تعالى : ( وتجعلون . . . ) إلى آخر الآية ؛ وليس من الصلة في شيء .

قوله تعالى : ( في أربعة أيام ) : أي في تمام أربعة أيام ولولا هذا التقدير : لكانت الأيام ثمانية : يومان في الأول ؛ وهو قوله : ( خلق الأرض في يومين ) [ فصلت : 9 ] ويومان في الآخر ، وهو قوله : ( فقضاهن سبع سماوات في يومين ) [ فصلت : 12 ] .

( سواء ) - بالنصب ، وهو مصدر ؛ أي فاستوت استواء ، ويكون في موضع الحال من الضمير في " أقواتها " ، أو فيها ، أو من الأرض . ويقرأ بالجر على الصفة للأيام ، وبالرفع على تقدير هي سواء .

[ ص: 377 ] قال تعالى : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ( 11 ) ) .

قوله تعالى : ( ائتيا ) : أي تعاليا . و ( طوعا ) و ( كرها ) : مصدران في موضع الحال .

و ( أتينا ) بالقصر ؛ أي جئنا ، وبالمد ؛ أي أعطينا من أنفسنا الطاعة .

و ( طائعين ) : حال ؛ وجمع ، لأنه قد وصفها بصفات من يعقل ، أو التقدير : أتينا بمن فينا ؛ فلذلك جمع .

وقيل : جمع على حسب تعدد السماوات والأرض .

قال تعالى : ( فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ( 12 ) ) ( وحفظا ) أي وحفظناها حفظا ، أو للحفظ .

قال تعالى : ( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون ( 14 ) ) .

( إذ جاءتهم ) : يجوز أن يكون ظرفا لأنذرتكم ، كما تقول : لقيتك إذ كان كذا ؛ ويجوز أن يكون صفة لصاعقة ، أو حالا من " صاعقة " الثانية .

قال تعالى : ( فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ( 16 ) ) .

قوله تعالى : ( نحسات ) : يقرأ بكسر الحاء ، وفيه وجهان :

أحدهما : هو اسم فاعل ، مثل نصب ونصبات . والثاني : أن يكون مصدرا في الأصل مثل الكلمة . ويقرأ بالسكون ؛ وفيه وجهان :

أحدهما : هي بمعنى المكسورة ؛ وإنما سكن لعارض .

والثاني : أن يكون اسم فاعل في الأصل ، وسكن تخفيفا .

قال تعالى : ( وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون ( 17 ) ) [ ص: 378 ] قوله تعالى : ( وأما ثمود ) : هو بالرفع على الابتداء و " فهديناهم " الخبر . وبالنصب على فعل محذوف ؛ تقديره : وأما ثمود فهدينا ، فسره قوله تعالى : " فهديناهم " .

قال تعالى : ( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ( 19 ) ) قوله تعالى : ( ويوم يحشر ) : هو ظرف لما دل عليه ما بعده وهو قوله تعالى : " فهم يوزعون " كأنه قال : يمنعون يوم نحشر .

قال تعالى : ( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون ( 22 ) ) .

قوله تعالى : ( أن يشهد ) أي من أن يشهد ؛ لأن تستتر لا يتعدى نفسه .

قال تعالى : ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ( 23 ) ) .

قوله تعالى : ( وذلكم ) : هو مبتدأ ، و " ظنكم " : خبره ، و " الذي " : نعت للخبر ، أو خبر بعد خبر . و " أرداكم " : خبر آخر .

ويجوز أن يكون الجميع صفة ، أو بدلا ، و " أرداكم " : الخبر .

ويجوز أن يكون " أرداكم " حالا ، و " قد " معه مرادة .

قال تعالى : ( فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين ( 24 ) ) .

قوله تعالى : ( يستعتبوا ) : يقرأ بفتح الياء وكسر التاء الثانية ؛ أي أن يطلبوا زوال ما يعتبون منه . ( فما هم من المعتبين ) : بفتح التاء ؛ أي من المجابين إلى إزالة العتب .

ويقرأ " يستعتبوا " بضم الياء وفتح التاء ؛ أي يطلب منهم ما لا يعتبون عليه ؛ فما هم من المعتبين بكسر التاء ؛ أي ممن يزيل العتب .

قال تعالى : ( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ( 26 ) ) .

قوله تعالى : ( والغوا فيه ) : يقرأ بفتح الغين من لغا يلغى ، وبضمها من لغا يلغو ، والمعنى سواء .

قال تعالى : ( ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ( 28 ) ) .

قوله تعالى : ( النار ) : هو بدل من جزاء ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أو مبتدأ وما بعده الخبر . و ( جزاء ) مصدر ؛ أي جوزوا بذلك جزاء .

[ ص: 379 ] ويجوز أن يكون منصوبا بجزاء أعداء الله ، وأن يكون حالا .

قال تعالى : ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ( 30 ) ) .

قوله تعالى : ( ألا تخافوا ) : يجوز أن يكون التقدير : بأن لا تخافوا ، أو قائلين لا تخافوا ؛ [ فعلى الأول : هو حال ؛ أي تتنزل بقولهم لا تخافوا ، وعلى الثاني الحال محذوفة ] .

قال تعالى : ( نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ( 31 ) نزلا من غفور رحيم ( 32 ) ) قوله تعالى : ( نزلا ) : فيه وجهان ؛ أحدهما : هو مصدر في موضع الحال من الهاء المحذوفة ، أو من ما ؛ أي لكم الذي تدعونه معدا ، وما أشبهه . و " من " : نعت له . والثاني : هو جمع نازل ، مثل صابر وصبر ؛ فيكون حالا من الواو في " تدعون " أو من الكاف والميم في " لكم " فعلى هذا يتعلق من بتدعون ؛ أي يطلبوه من غفور ؛ أو بالظرف ؛ أي استقر ذلك من غفور ؛ فيكون حالا من " ما " .

قال تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ( 34 ) وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ( 35 ) ) .

قوله تعالى : ( كأنه ولي ) : فيه وجهان :

أحدهما : هو حال من " الذي " بصلته و " الذي " مبتدأ ؛ وإذا للمفاجأة ، و " هي " خبر المبتدأ ؛ أي فبالحضرة المعادي مشبها للولي ، والفائدة تحصل من الحال .

والثاني : أن يكون خبر المبتدأ ، و " إذا " ظرف لمعنى التشبيه ، والظرف يتقدم على العامل المعنوي . والضمير في " يلقاها " للخصلة أو الكلمة .

قال تعالى : ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ( 37 ) ) .

قوله تعالى : ( خلقهن ) : الضمير للآيات ، وهي الليل ، والنهار ، والشمس ، والقمر .

قال تعالى : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز ( 41 ) ) .

قوله تعالى : ( إن الذين كفروا ) : خبر " إن " محذوف ؛ أي معاندون . أو هالكون . وقيل : هو : ( أولئك ينادون ) [ فصلت : 44 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية