قال تعالى : (
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا . . . . . ( 135 ) ) .
قوله تعالى : (
أو نصارى ) : الكلام في " أو " هاهنا كالكلام فيها في قوله :
[ ص: 102 ] (
وقالوا لن يدخل الجنة ) [ البقرة : 111 ] ; لأن التقدير : قالت
اليهود كونوا هودا ، وقالت
النصارى كونوا نصارى . (
ملة إبراهيم ) : تقديره : بل نتبع ملة
إبراهيم ، أو قل اتبعوا ملة .
و (
حنيفا ) : حال من
إبراهيم ; والحال من المضاف إليه ضعيف في القياس ، قليل في الاستعمال ، وسبب ذلك أن الحال لا بد لها من عامل فيها ، والعامل فيها هو العامل في صاحبها ، ولا يصح أن يعمل المضاف في مثل هذا في الحال .
ووجه قول من نصبه على الحال أنه قدر العامل معنى اللام ، أو معنى الإضافة ، وهو المصاحبة والملاصقة ، وقيل : حسن جعل حنيفا حالا ; لأن المعنى نتبع
إبراهيم حنيفا وهذا جيد ; لأن الملة هي الدين ; والمتبع
إبراهيم ، وقيل : هو منصوب بإضمار أعني .
قال تعالى : (
قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم . . . . . . . ( 136 ) ) .
قوله تعالى : (
من ربهم ) : الهاء والميم تعود على النبيين خاصة ; فعلى هذا يتعلق من بأوتي الثانية .
وقيل تعود إلى
موسى وعيسى أيضا . ويكون (
وما أوتي ) : الثانية تكريرا وهو في المعنى مثل التي في آل عمران ، فعلى هذا يتعلق من بأوتي الأولى .
وموضع من نصب على أنها بالابتداء ، غاية الإيتاء .
ويجوز أن يكون موضعها حالا من العائد المحذوف ، تقديره : وما أوتيه النبيون كائنا من ربهم . ويجوز أن يكون ما أوتي الثانية في موضع رفع بالابتداء ومن ربهم خبره . (
بين أحد ) : أحد هنا هو المستعمل في النفي ; لأن " بين " لا تضاف إلا إلى جمع ، أو إلى واحد معطوف عليه . وقيل أحد هاهنا بمعنى فريق .
قال تعالى : (
فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا . . . ( 137 ) ) .
قوله تعالى : (
بمثل ما آمنتم به ) : الباء زائدة . ومثل صفة لمصدر محذوف تقديره : إيمانا مثل إيمانكم ، والهاء ترجع إلى الله ، أو القرآن ، أو
محمد ، وما مصدرية ، ونظير زيادة الباء هنا زيادتها في قوله : (
جزاء سيئة بمثلها ) وقيل مثل هنا زائدة وما بمعنى الذي وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : بما آمنتم به بإسقاط مثل .
قال تعالى : (
صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ( 138 ) ) .
قوله تعالى : (
صبغة الله ) : الصبغة هنا : الدين ، وانتصابه بفعل محذوف ; أي اتبعوا دين الله .
وقيل هو إغراء ; أي عليكم دين الله . وقيل هو بدل من ملة
إبراهيم . (
ومن أحسن ) : مبتدأ أو خبر . و (
من الله ) : في موضع نصب . و (
صبغة ) : تمييز .
[ ص: 103 ] قال تعالى : (
أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون ( 140 ) ) .
قوله تعالى : ( أم يقولون ) يقرأ بالياء ردا على قوله : (
فسيكفيكهم الله ) [ البقرة : 137 ] وبالتاء ردا على قوله : (
أتحاجوننا ) [ البقرة : 139 ] .
(
هودا أو نصارى ) : أو هاهنا مثلها في قوله : (
وقالوا كونوا هودا أو نصارى ) [ البقرة : 135 ] أي قالت
اليهود : كان هؤلاء الأنبياء هودا ، وقالت
النصارى : كانوا نصارى . (
أم الله ) : مبتدأ والخبر محذوف ; أي أم الله أعلم ، وأم هاهنا المتصلة ; أي أيكم أعلم ، وهو استفهام بمعنى الإنكار . (
كتم شهادة ) : كتم يتعدى إلى مفعولين ، وقد حذف الأول منهما هنا تقديره : كتم الناس شهادة فعلى هذا يكون " عنده " صفة لشهادة ، وكذلك " من الله " ولا يجوز أن تعلق من بشهادة ; لئلا يفصل بين الصلة والموصول بالصفة ، ويجوز أن يجعل عنده ، ومن الله ، صفتين لشهادة ، ويجوز أن تجعل من ظرفا للعامل في الظرف الأول ، وأن تجعلها حالا من الضمير في عنده .
قال تعالى : (
سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها . . . . . . . ( 142 ) ) .
قوله تعالى : (
السفهاء من الناس ) : من الناس في موضع نصب على الحال ، والعامل فيه يقول . (
ما ولاهم ) : ابتداء وخبر في موضع نصب بالقول .
(
كانوا عليها ) : فيه حذف مضاف ; تقديره : على توجهها أو على اعتقادها .