صفحة جزء
فصل في هاء الضمير نحو : عليهم وعليه وفيه وفيهم .

وإنما أفردناه لتكرره في القرآن : الأصل في هذه الهاء الضم ; لأنها تضم بعد الفتحة والضمة والسكون نحو إنه ، وله ، وغلامه ، ويسمعه ، ومنه ، وإنما يجوز كسرها بعد الياء نحو عليهم ، وأيديهم ، وبعد الكسر نحو به ، وبداره ، وضمها في الموضعين جائز ; لأنه الأصل ، وإنما كسرت لتجانس ما قبلها من الياء والكسرة وبكل قد قرئ .

فأما ( عليهم ) ففيها عشر لغات ، وكلها قد قرئ به : خمس مع ضم الهاء ، وخمس مع كسرها .

[ ص: 17 ] فالتي مع الضم : إسكان الميم ، وضمها من غير إشباع ، وضمها مع واو ، وكسر الميم من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وأما التي مع كسر الهاء فإسكان الميم ، وكسرها من غير ياء ، وكسرها مع الياء ، وضمها من غير واو ، وضمها مع الواو .

والأصل في ميم الجمع أن يكون بعدها واو كما قرأ ابن كثير ، فالميم لمجاوزة الواحد ، والألف دليل التثنية نحو عليهما ، والواو للجمع نظير الألف ، ويدل على ذلك أن علامة الجماعة في المؤنث نون مشددة نحو عليهن ، فكذلك يجب أن يكون علامة الجمع للمذكر حرفين ، إلا أنهم حذفوا الواو تخفيفا ، ولا لبس في ذلك ; لأن الواحد لا ميم فيه ، والتثنية بعد ميمها ألف وإذا حذفت الواو سكنت الميم ; لئلا تتوالى الحركات في أكثر المواضع نحو ضربهم ويضربهم .

فمن أثبت الواو أو حذفها وسكن الميم فلما ذكرنا . ومن ضم الميم دل بذلك على أن أصلها الضم ، وجعل الضمة دليل الواو المحذوفة .

ومن كسر الميم وأتبعها ياء فإنه حرك الميم بحركة الهاء المكسورة قبلها ، ثم قلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها .

ومن حذف الياء جعل الكسرة دليلا عليها .

ومن كسر الميم بعد ضمة الهاء فإنه أراد أن يجانس بها الياء التي قبل الهاء .

ومن ضم الهاء قال : إن الياء في عليها حقها أن تكون ألفا ، كما ثبتت الألف مع المظهر ، وليست الياء أصل الألف ، فكما أن الهاء تضم بعد الألف ، فكذلك تضم بعد الياء المبدلة منها .

ومن كسر الهاء اعتبر اللفظ ، فأما كسر الهاء وإتباعها بياء ساكنة ، فجائز على ضعف ، أما جوازه فلخفاء الهاء بينت بالإشباع ، وأما ضعفه فلأن الهاء خفية ، والخفي قريب من الساكن ، والساكن غير حصين ، فكأن الياء وليت الياء .

وإذا لقي الميم ساكن بعدها جاز ضمها نحو عليهم الذلة ; لأن أصلها الضم وإنما أسكنت تخفيفا فإذا احتيج إلى حركتها كان الضم الذي هو حقها في الأصل أولى ويجوز كسرها إتباعا لما قبلها .

وأما فيه وبنيه ، ففيه الكسر من غير إشباع وبالإشباع ، وفيه الضم من غير إشباع وبالإشباع .

[ ص: 18 ] وأما إذا سكن ما قبل الهاء ، نحو : منه ، وعنه ، وتجدوه ، فمن ضم من غير إشباع فعلى الأصل ، ومن أشبع أراد تبيين الهاء لخفائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية