صفحة جزء
( الثاني ) أن الآخذين بالوصل لمن ذكر من حمزة وأبي عمرو ، وابن عامر ، أو يعقوب ، أو ورش اختار كثير منهم لهم السكت بين ( المدثر ، و لا أقسم بيوم القيامة - وبين - الانفطار و ويل للمصلين - وبين والفجر ، و لا أقسم بهذا البلد - وبين والعصر ، و ويل لكل همزة ) كصاحب " الهداية " وابني غلبون ، وصاحب " المبهج " وصاحب " التبصرة " ، وصاحب " الإرشاد " ، وصاحب " المفيد " ، ونص عليه أبو معشر في " جامعه " وصاحب " التجريد " وصاحب " التيسير " ، وأشار إليه الشاطبي ونقل عن ابن مجاهد في غير ( والعصر ، والهمزة ) ، وكذا اختاره ابن شيطا صاحب " التذكار " ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون ، وكذا الآخذون بالسكت لمن ذكر من أبي عمرو ، وابن عامر ، ويعقوب ، وورش ، اختار كثير منهم لهم البسملة في هذه الأربعة المواضع كابني غلبون ، وصاحب " الهداية " ، ومكي ، وصاحب " التبصرة " ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن ، وخلف بن خاقان ، وإنما اختاروا ذلك لبشاعة وقوع مثل ذلك إذا قيل : ( أهل المغفرة لا ) أو : ( ادخلي جنتي لا ) أو : ( لله ويل ) أو : ( وتواصوا بالصبر ويل ) من غير فصل ، ففصلوا بالبسملة للساكت ، وبالسكت للواصل ، ولم يمكنهم البسملة له ; لأنه ثبت [ ص: 262 ] عنه النص بعدم البسملة ، فلو بسملوا لصادموا النص بالاختيار ، وذلك لا يجوز .

والأكثرون على عدم التفرقة بين الأربعة وغيرها ، وهو مذهب فارس بن أحمد ، وابن سفيان صاحب " الهادي " ، وأبي الطاهر صاحب " العنوان " وشيخه عبد الجبار الطرسوسي صاحب " المستنير " ، و " الإرشاد " ، و " الكفاية " ، وسائر العراقيين ، وهو اختيار أبي عمرو الداني والمحققين ، والله تعالى أعلم .

تنبيهات

( أولها ) تخصيص السكت والبسملة في الأربعة المذكورة مفرع على الوصل والسكت مطلقا . فمن خصها بالسكت ، فإن مذهبه في غيرها الوصل ، ومن خصها بالبسملة فمذهبه في غيرها السكت وليس أحد يروي البسملة لأصحاب الوصل كما توهمه المنتجب ، وابن بصخان ، فافهم ذلك فقد أحسن الجعبري في فهمه ما شاء وأجاد الصواب ، والله أعلم .

وانفرد الهذلي بإضافته إلى هذه الأربعة موضعا خامسا ، وهو البسملة بين الأحقاف والقتال عن الأزرق ، عن ورش وتبعه في ذلك أبو الكرم ، وكذلك انفرد صاحب " التذكرة " باختيار الوصل لمن سكت من أبي عمرو ، وابن عامر ، وورش في خمسة مواضع وهي : الأنفال ببراءة ، والأحقاف بالذين كفروا ، واقتربت بالرحمن ، والواقعة بالحديد ، والفيل بـ " لإيلاف قريش " . قال الحسن : ذلك بمشاكلة آخر السورة لأول التي تليها .

( ثانيها ) أنه تقدم تعريف السكت ، وأن المشترط فيه يكون من دون تنفس ، وأن كلام أئمتنا مختلف فيه طول زمنه وقصره ، وحكاية قول سبط الخياط :

إن الذي يظهر من قول طول زمن السكت بقدر البسملة ، وقد قال أيضا في " كفايته " ما يصرح بذلك حيث قال ، عن أبي عمرو ، وروي ، عن أبي عمرو إسرارها ، أي : إسرار البسملة . قلت : والذي قرأت به وآخذ : السكت عن جميع من روي عنه السكت بين السورتين سكتا يسيرا من دون تنفس قدر السكت [ ص: 263 ] لأجل الهمز ، عن حمزة وغيره حتى أني أخرجت وجه حمزة مع وجه ورش بين سورتي ( والضحى ، و ألم نشرح ) على جميع من قرأته عليه من شيوخي ، وهو الصواب والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية