صفحة جزء
11407 ( أخبرنا ) أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ، أخبرنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان ، ثنا أبو الأشعث ، ثنا يزيد بن زريع ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، ح . وحدثنا أبو جعفر كامل بن أحمد المستملي ، ثنا بشر بن أحمد الإسفراييني ، ثنا داود بن الحسين البيهقي ، ثنا يحيى بن يحيى ، ثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار ، عن الوليد بن أبي الوليد ، عن عروة بن الزبير ، عن زيد بن ثابت ؛ أنه قال : يغفر الله لرافع بن خديج ، أنا والله كنت أعلم بالحديث منه ، إنما أتى رجلان من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اقتتلا ، فقال : " إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع " فسمع قوله : " لا تكروا المزارع " .

قال الشيخ : زيد بن ثابت وابن عباس - رضي الله عنهما - كأنهما أنكرا ، والله أعلم ، إطلاق النهي عن كراء المزارع ، وعنى ابن عباس بما لم ينه عنه من ذلك : كراءها بالذهب والفضة ، وبما لا غرر فيه .

وقد قيد بعض الرواة عن رافع الأنواع التي وقع النهي عنها ، وبين علة النهي ، وهي ما يخشى على الزرع من الهلاك ، وذلك غرر في العوض يوجب فساد العقد . وإن كان ابن عباس عنى بما لم ينه عنه : كراءها ببعض ما يخرج منها ، فقد روينا عمن سمع نهيه عنه ، فالحكم له دونه .

وقد روينا عن زيد بن ثابت ما يوافق رواية رافع بن خديج وغيره ، فدل أن ما أنكره غير ما أثبته ، والله أعلم .

ومن العلماء من حمل أخبار النهي على ما لو وقعت بشروط فاسدة ، نحو شرط الجداول والماذيانات - وهي الأنهار - وهو ما كان يشترط على الزارع أن يزرعه على هذه الأنهار خاصة لرب المال ، ونحو شرط القصارة - وهي ما بقي من الحب في السنبل بعد ما يدرس - ويقال : القصري ، ونحو شرط ما سقى الربيع - وهو النهر الصغير - مثل الجدول والسري ونحوه ، وجمعه : أربعاء كما قالوا . فكانت هذه وما أشبهها شروطا شرطها رب المال لنفسه خاصة سوى الشرط على النصف والربع والثلث ، فيرى أن نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزارعة إنما كان لهذه الشروط ، لأنها مجهولة ، فإذا كانت الحصص معلومة نحو النصف والثلث والربع ، وكانت الشروط [ ص: 135 ] الفاسدة معدومة ، كانت المزارعة جائزة ، وإلى هذا ذهب أحمد بن حنبل - رحمه الله - وأبو عبيد ، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة ، وغيرهم من أهل الحديث ، وإليه ذهب أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن من أصحاب الرأي ، والأحاديث التي مضت في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع دليل لهم في هذه المسألة ، وضعف أحمد بن حنبل حديث رافع بن خديح ، وقال : هو كثير الألوان . يريد ما أشرنا إليه من الاختلاف عليه في إسناده ومتنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية