صفحة جزء
11441 قال الإمام أحمد - رحمه الله - وقد قرأت في كتاب أبي الحسن العاصمي روايته عن أبي عبد الله محمد بن يوسف ، عن محمد بن يعقوب بن الفرجي ، عن أبي ثور ، أنه قال : سألت أبا عبد الله الشافعي - رحمه الله - عن قطع السدر ؟ فقال : لا بأس به ، قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " اغسله بماء وسدر " .

قلت : فالحديث الذي روي في قاطع السدر يكون محمولا على ما حمله عليه أبو داود السجستاني - رحمه الله - إن صح طريقه ففيه من الاختلاف ما قدمنا ذكره ، وروينا عن عروة بن الزبير ؛ أنه كان يقطعه من أرضه ، وهو أحد رواة النهي ، فيشبه أن يكون النهي خاصا كما قال أبو داود - رحمه الله - والله أعلم . وقرأت في كتاب أبي سليمان الخطابي - رحمه الله - أن إسماعيل بن يحيى المزني - رحمه الله - سئل عن هذا ؟ فقال : وجهه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - سئل عمن هجم على قطع سدر لقوم أو ليتيم أو لمن حرم الله أن يقطع عليه ، فتحامل عليه بقطعه ، فاستحق ما قاله ، فتكون المسألة سبقت السامع ، فسمع الجواب ولم يسمع المسألة ، وجعل نظيره حديث أسامة بن زيد ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنما الربا في النسيئة " . فسمع الجواب ولم يسمع المسألة ، وقد قال : " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد " . واحتج المزني بما احتج به الشافعي - رحمهما الله - من إجازة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغسل الميت بالسدر ، ولو كان حراما لم يجز الانتفاع به ، قال : والورق من السدر كالغصن ، وقد سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما حرم قطعه من شجر الحرم بين ورقه وبين غيره ، فلما لم أر أحدا يمنع من ورق السدر ، دل على جواز قطع السدر .

التالي السابق


الخدمات العلمية