صفحة جزء
12333 ( أخبرنا ) محمد بن عبد الله الحافظ ، أنا أبو الحسن علي بن عيسى الحيري ، ثنا جعفر بن محمد بن سوار ، أنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي ، ثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ، ثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل ، دعاني ، فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني ، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالما أو مظلوما وإني أراني سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لديني ، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا يا بني ، بع مالنا ، واقض ديني ، وأوصى بالثلث وثلث الثلث لبني عبد الله بن الزبير ، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء فثلثه لولدك . قال هشام : وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد قال : وله يومئذ سبع بنات ، قال عبد الله بن الزبير : فجعل يوصيني بدينه ويقول : يا بني إن عجزت عن شيء منه فاستعن بمولاي ، قال : فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت : يا أبت من مولاك ؟ قال : الله ، قال : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير ، اقض عنه فيقضيه ، قال : وقتل الزبير ، ولم يدع دينارا ولا درهما ، إلا أرضين منها : الغابة ، وأحد عشر دارا بالمدينة ، ودارين بالبصرة ، ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر ، قال : وإنما كان دينه الذي عليه من الدين ، أن الرجل كان يأتيه بالمال ، فيستودعه إياه ، فيقول الزبير : لا ، ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة ، وما ولي إمارة قط ، ولا جباية ، ولا خراجا ، ولا شيئا قط ، إلا أن يكون في غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو مع أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - قال عبد الله بن الزبير : فحسبت ما عليه من الدين ، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، قال : فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير ، فقال : يا ابن أخي كم على أخي من الدين ؟ قال : فكتمه ، وقال : مائة ألف ، قال حكيم : ما أرى أموالكم تسع لهذه قال : فقال له عبد الله : أفرأيتك إن كان ألفي ألف ومائتي ألف ؟ قال : ما أراكم تطيقون هذا فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي ، قال : وكان الزبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، وباعها عبد الله بن الزبير بألف ألف وستمائة ألف ، ثم قام ، فقال : من كان له على الزبير دين فليوافينا بالغابة ، قال : فأتاه عبد الله بن جعفر ، وكان له على الزبير أربعمائة ألف ، فقال لعبد الله بن الزبير : إن شئتم تركناها لكم . قال عبد الله : لا ، قال : فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم شيئا ، فقال عبد الله : لا ، قال : فاقطعوا لي قطعة ، قال عبد الله : لك من هاهنا إلى هاهنا ، قال : فباعها منه ، فقضى دينه فأوفاه ، وبقي منها أربعة أسهم ونصف ، قال : فقدم على معاوية وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزبير وابن زمعة ، فقال له معاوية : كم قومت الغابة ؟ قال : ستمائة ألف أو قال : كل سهم مائة ألف . قال : كم بقي ؟ قال : أربعة أسهم ونصف ، قال المنذر بن الزبير : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان : قد أخذت سهما بمائة ألف . وقال ابن زمعة : قد أخذت سهما بمائة ألف . فقال معاوية : كم بقي ؟ قال : [ ص: 287 ] سهم ونصف . قال : قد أخذته بمائة ألف وخمسين ألفا ، قال : وباع عبد الله بن جعفر نصيبه من معاوية بستمائة ألف ، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه قال بنو الزبير : اقسم بيننا ميراثنا ، قال : لا والله ، لا أقسم بينكم حتى أنادي بالموسم أربع سنين : ألا من كان له على الزبير دين فليأتني فلنقضه ، قال : فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضى أربع سنين قسم بينهم ميراثهم ، قال : وكان للزبير أربع نسوة ورفع الثلث ، فأصاب كل امرأة منهن ألف ألف ومائتي ألف ، فجميع ماله خمسين ألف ألف ومائتا ألف . رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم ، عن أبي أسامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية