صفحة جزء
12378 باب بيان مصرف أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنها تجعل حيث كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجعل فضول غلات تلك الأموال مما فيه صلاح الإسلام وأهله وأنها لم تكن موروثة عنه

( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ، أنا أبو المثنى ومحمد بن إبراهيم البوشنجي ومحمد بن هارون الأزدي ( ح قال : وأخبرني ) دعلج بن أحمد السجزي وأبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ومحمد بن جعفر المزكي قالوا : ثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم العبدي قالوا : ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، ثنا جويرية بن أسماء ، عن مالك بن أنس ، عن محمد بن شهاب الزهري أن مالك بن أوس بن الحدثان حدثه قال : أرسل إلي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فجئته حين تعالى النهار ، فقال : فوجدته في بيته جالسا على سرير ، مفضيا إلى رماله ، متكئا على وسادة من أدم ، فقال لي : يا مال ، إنه قد دف أهل أبيات من قومك ، وقد أمرت فيهم برضخ ، فخذه فاقسمه بينهم ، فقلت : لو أمرت بهذا غيري . قال : خذه يا مال ، قال : فجاء يرفأ ، فقال : هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد ؟ قال عمر : نعم ، فائذن لهم ، فدخلوا ، ثم جاء فقال : هل لك في عباس وعلي ؟ قال : نعم ، فأذن لهما ، قال عباس : يا أمير المؤمنين ، اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال بعض القوم : أجل يا أمير المؤمنين ، فاقض بينهم وأرحهم ، قال مالك بن أوس : فخيل إلي أنهم كانوا قدموهم لذلك ، قال عمر : أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السموات والأرض ، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، وأن ما تركنا صدقة ؟ قالوا : نعم ، ثم أقبل على عباس وعلي - رضي الله عنهما - فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض ، أتعلمان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نورث ، وأن ما تركنا صدقة ؟ . قالا : نعم . قال عمر : فإن الله تبارك وتعالى كان خص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخاصة ، لم يخص بها أحدا غيره ، قال : ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى ) - ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا ؟ - قال : فقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينكم النضير ، فوالله ما استأثر عليكم ، ولا أخذها دونكم ، حتى بقي هذا المال ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ منه نفقة سنته ، ثم يجعل ما بقي أسوة المال ، ثم قال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض [ ص: 298 ] أتعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم نشد عباسا وعليا - رضي الله عنهما - بمثل ما نشد به القوم ، أتعلمان ذلك ؟ قالا : نعم . قال : فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها ، فقال أبو بكر - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا نورث ، ما تركنا صدقة . فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر فقلت : أنا ولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولي أبي بكر - رضي الله عنه - فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا ، والله يعلم أني صادق بار راشد تابع للحق ، فوليتها ، ثم جئتني أنت وهذا ، وأنتما جميع ، وأمركما واحد ، فقلتما : ادفعها إلينا ، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيه بالذي كان يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذتماها بذلك ، فقال : أكذلك ؟ قالا : نعم ، ثم جئتماني لأقضي بينكما ، ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما عنها فرداها إلي . رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن أسماء ورواه البخاري عن إسحاق بن محمد الفروي ، عن مالك .

التالي السابق


الخدمات العلمية