صفحة جزء
13066 ( وأخبرنا ) أبو سعيد بن أبي عمرو ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأ الربيع بن سليمان ، أنبأ الشافعي ، أنبأ ابن عيينة بإسناده - يعني: عن [ ص: 76 ] طاوس ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يمسكن الناس علي بشيء ، وإني لا أحل لهم إلا ما أحل الله لهم ، ولا أحرم عليهم إلا ما حرم الله . قال الشافعي - رحمه الله: هذا منقطع ، ولو ثبت فبين فيه أنه على ما وصفت إن شاء الله تعالى ، قال: لا يمسكن الناس علي ، ولم يقل لا يمسكوا عني ، بل قد أمر بأن يمسك عنه ، وأمر الله - جل ثناؤه - بذلك . ( قال الشافعي ) : أنبأ ابن عيينة ، عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول: لا أدري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه . قال الشافعي - رحمه الله: فقد أمر باتباع ما أمر به ، واجتناب ما نهى عنه ، وفرض الله ذلك في كتابه على خلقه ، وما في أيدي الناس من هذا إلا ما تمسكوا به عن الله ، ثم عن الرسول - صلى الله عليه وسلم ، ثم عن دلالته ، ولكن قوله - إن كان قاله: لا يمسكن الناس علي بشيء ، يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بموضع القدوة فقد كانت له خواص أبيح له فيها ما لم يبح للناس ، وحرم عليه فيها ما لم يحرم على الناس ، فقال: لا يمسكن الناس علي بشيء من الذي لي ، أو علي دونهم ، فإن كان مما علي ولي دونهم ، فلا يمسكن به ، وذلك مثل أن الله - جل ثناؤه - أحل له من عدد النساء ما شاء ، وأن يستنكح المرأة إذا وهبت نفسها له ، وقال الله تعالى: ( خالصة لك من دون المؤمنين ) ، فلم يكن لأحد أن يقول: قد جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أكثر من أربع ، ونكح امرأة بغير مهر ، وأخذ صفيا من المغنم ، وكان له خمس الخمس ، فلا يكون ذلك للمؤمنين بعده ، ولا لولاتهم كما يكون له ؛ لأن الله قد بين في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك له دونهم ، وفرض الله أن يخير أزواجه في المقام معه و الفراق ، فلم يكن لأحد أن يقول: علي أن أخير امرأتي على ما فرض الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ؛ وهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان قاله: لا يمسكن الناس علي بشيء . ( قال الشيخ ) : وإنما توقف الشافعي - رحمه الله - في صحة الخبر ، فقال: إن كان قاله ؛ لأن الحديث مرسل ، وليس معه ما يؤكده إلا أن يكون محمولا على ما قاله الشافعي - رحمه الله - فيكون واضحا ، وللأصول موافقا .

التالي السابق


الخدمات العلمية