صفحة جزء
17816 ( أخبرنا ) أبو سعيد ، ثنا أبو العباس ، أنبأ الربيع قال : قال الشافعي : وفي هذا الحديث دلالة ، إذ أعطى جريرا البجلي عوضا من سهمه ، والمرأة عوضا من سهم أبيها : أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه ، فجعله وقفا للمسلمين ، وهذا حلال للإمام لو افتتح اليوم أرض عنوة ، فأحصى من افتتحها وطابوا أنفسا عن حقوقهم منها ، أن يجعلها الإمام وقفا ، وحقوقهم [ ص: 136 ] منها الأربعة الأخماس ، ويوفي أهل الخمس حقهم ، إلا أن يدع البالغون منهم حقوقهم فيكون ذلك له ، والحكم في الأرض كالحكم في المال ، وقد سبى النبي - صلى الله عليه وسلم - هوازن ، وقسم أربعة الأخماس بين الموجفين ، ثم جاءته وفود هوازن مسلمين ، فسألوه أن يمن عليهم بأن يرد عليهم ما أخذ منهم ، فخيرهم بين الأموال والسبي ، فقالوا : خيرتنا بين أحسابنا ، وأموالنا ، فنختار أحسابنا . فترك لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حقه ، وحق أهل بيته ، وسمع بذلك المهاجرون فتركوا له حقوقهم ، وسمع بذلك الأنصار فتركوا له حقوقهم ، وبقي قوم من المهاجرين الآخرين ، والفتحيين فأمر فعرف على كل عشرة واحد ، ثم قال : " ائتوني بطيب أنفس من بقي ، فمن كره فله علي كذا وكذا من الإبل " . إلى وقت ذكره ، فجاءوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس ، وعيينة بن بدر ، فإنهما أبيا ليعيرا هوازن ، فلم يكرههما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك حتى كانا هما تركا بعد أن خدع عيينة عن حقه . وسلم لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حق من طاب نفسه عن حقه . ( قال الشافعي ) : وهذا أولى الأمور بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندنا في السواد وفتوحه إن كانت عنوة . وهذا الذي ذكره الشافعي من أمر هوازن قد مضى في حديث المسور بن مخرمة ، وفي رواية عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده .

التالي السابق


الخدمات العلمية