صفحة جزء
17869 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، أنبأ أبو بكر بن إسحاق ، أنبأ إسماعيل بن قتيبة ، ثنا يحيى بن يحيى ، أنبأ هشيم ، عن حصين ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن السلمي ، وحيان بن عطية السلمي أنهما كانا يتنازعان في علي ، وعثمان - رضي الله عنهما - وكان حيان يحب عليا - رضي الله عنه - وكان أبو عبد الرحمن يحب عثمان - رضي الله عنه - فقال أبو عبد الرحمن سمعته يحدث - يعني عليا - رضي الله عنه - قال : كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى مكة أن محمدا يريد أن يغزوكم بأصحابه فخذوا حذركم ، ودفع كتابه إلى امرأة يقال لها سارة ، فجعلته في إزارها في ذؤابة من ذوائبها ، فانطلقت ، فأطلع الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك . قال علي : فبعثني ، ومعي الزبير بن العوام ، وأبو مرثد الغنوي وكلنا فارس ، قال : " انطلقوا ، فإنكم ستلقونها بروضة كذا وكذا ، ففتشوها ؛ فإن معها كتابا إلى أهل مكة من حاطب " . فانطلقنا ، فوافقناها ، فقلنا : هاتي الكتاب الذي معك إلى أهل مكة ، فقالت : ما معي كتاب . قال : قلت : ما كذبت ، ولا كذبت لتخرجنه ، أو لأجردنك ، فلما عرفت أني فاعل أخرجت الكتاب ، فأخذناه ، فانطلقنا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففتحه ، فقرأه ، فإذا فيه : من حاطب إلى أهل مكة ، أما بعد : فإن محمدا يريدكم ، فخذوا حذركم ، وتأهبوا ، أو كما قال . فلما قرأ الكتاب أرسل إلى حاطب ، فقال له : " أكتبت هذا الكتاب ؟ " . قال : نعم . قال : " فما حملك على ذلك ؟ " . قال : يا رسول الله ، أما والله ما كفرت منذ أسلمت ، وإني لمؤمن بالله ورسوله ، وما حملني على ما صنعت من كتابي إلى أهل مكة إلا أنه لم يكن أحد من أصحابك إلا وله هناك بمكة من يدفع عن أهله وماله ، ولم يكن لي هناك أحد يدفع عن أهلي ، ومالي ، فأحببت أن أتخذ عند القوم يدا ، وإني لأعلم أن الله سيظهر رسوله عليهم قال : فصدقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل قوله قال : فقام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله دعني فأضرب عنقه ؛ فإنه قد خان الله والمؤمنين . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ، إنه من أهل بدر وما يدريك لعل الله اطلع عليهم ، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " . رواه البخاري في الصحيح ، عن محمد بن عبد الله بن حوشب ، عن هشيم ، وأخرجاه من حديث عبد الله بن إدريس ، وغيره ، عن حصين .

( قال الشافعي - رحمه الله ) : وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " تجافوا لذوي الهيئات " . وقيل في الحديث : " ما لم يكن حدا " . فإذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة ، وقيل بجهالة ، كما كان هذا من حاطب بجهالة ، وكان غير متهم أحببت أن يتجافى له ، وإذا كان من غير ذي الهيئة كان للإمام - والله أعلم - تعزيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية