صفحة جزء
18286 ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، وأبو بكر بن الحسن القاضي قالا : ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : حدثني الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن مروان بن الحكم ، والمسور بن مخرمة أنهما حدثاه جميعا قالا : كان في صلح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية بينه وبين قريش : أنه من شاء أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل ، ومن شاء أن يدخل في عقد قريش ، وعهدهم دخل . فتواثبت خزاعة ، فقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده . وتواثبت بنو بكر فقالوا : نحن ندخل في عقد قريش ، وعهدهم . فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة ، أو الثمانية عشر شهرا ، ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش ، وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهده ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة ، فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد ، وهذا الليل وما يرانا أحد . فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح ، فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن عمرو بن سالم ركب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما كان من أمر خزاعة ، وبني بكر بالوتير ، حتى قدم المدينة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبره الخبر ، وقد قال أبيات شعر ، فلما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنشده إياها :

اللهم إني ناشد محمدا ، حلف أبينا وأبيه الأتلدا

    كنا والدا وكنت ولدا
، ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا

    فانصر رسول الله نصرا عتدا
، وادعوا عباد الله يأتوا مددا

    فيهم رسول الله قد تجردا
، إن سيم خسفا وجهه تربدا

    في فيلق كالبحر يجري مزبدا
، إن قريشا أخلفوك الموعدا

    ونقضوا ميثاقك المؤكدا
، وزعموا أن لست أدعو أحدا

    فهم أذل وأقل عددا
، قد جعلوا لي بكداء مرصدا

    هم بيتونا بالوتير هجدا
، فقتلونا ركعا وسجدا .

[ ص: 234 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " نصرت يا عمرو بن سالم " . فما برح حتى مرت عنانة في السماء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب " . وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بالجهاز ، وكتمهم مخرجه ، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم
.

التالي السابق


الخدمات العلمية