صفحة جزء
7019 ( وأخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أنبأ الربيع بن سليمان ، عن الشافعي رحمه الله قال : وما روت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه أن يكون محفوظا عنه صلى الله عليه وسلم بدلالة الكتاب ثم السنة ، فإن قيل : وأين دلالة الكتاب ؟ قيل : في قول الله عز وجل : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ، وقوله : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) وقوله : ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) وقوله : ( لتجزى كل نفس بما تسعى ) فإن قيل : فأين دلالة السنة ؟ قيل : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : هذا ابنك ؟ قال : نعم . قال : " أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه . فأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعلم الله عز وجل من أن جناية كل امرئ عليه كما عمله له لا لغيره ولا عليه .

قال الشافعي : وعمرة أحفظ عن عائشة من ابن أبي مليكة ، وحديثها أشبه الحديثين أن يكون محفوظا ، فإن كان الحديث على غير ما روى ابن أبي مليكة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : " إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها . فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير ، لأنها تعذب بالكفر ، وهؤلاء يبكون ولا يدرون ما هي فيه . وإن كان الحديث كما روى ابن أبي مليكة فهو صحيح ، لأن على الكافر عذابا أعلى منه ، فإن عذب بدونه فزيد في عذابه فيما استوجب وما نيل من كافر من عذاب أدنى من أعلى منه ، وما زيد عليه من العذاب فباستيجابه لا بذنب غيره في بكائه عليه ، فإن قيل : يزيده عذابا ببكاء أهله عليه قيل : يزيده بما استوجب بعمله ويكون بكاؤهم سببا لا أنه يعذب ببكائهم عليه ، وفيما بلغني ، عن أبي إبراهيم المزني أنه قال : بلغني أنهم كانوا يوصون بالبكاء عليهم أو بالنياحة أو بهما وذلك معصية فمن أمر بها فعملت بأمره كانت له ذنبا كما لو أمر بطاعة فعملت بعده كانت له طاعة . فكما يؤجر بما هو سبب له من الطاعة فكذلك يجوز أن يعذب بما هو سبب له من المعصية ، وبالله التوفيق .

[ ص: 74 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية