صفحة جزء
155 - حدثنا زهير بن محمد بن قمير قال : أنا صدقة بن سابق ، عن محمد بن إسحاق قال : حدثني نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب ، قال : لما اجتمعنا للهجرة اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاصي الميضاة ، ميضاة بني غفار فوق سرف، وقلنا : أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس فلينطلق صاحباه ، فحبس عنا هشام بن العاص فلما قدمنا المدينة فنزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء وخرج [ ص: 259 ] أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة ، وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما، حتى قدما علينا المدينة فكلماه فقالا له : إن أمك نذرت أن لا تمس رأسها بمشط حتى تراك ، فرق لها ، فقلت له : يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا عن دينك فاحذرهم فوالله لو قد أذى أمك القمل لقد امتشطت ، ولو قد اشتد عليها حر مكة أحسبه قال : لاستظلت . فقال : إن لي هناك مالا فآخذه . قال : قلت : والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ، ولا تذهب معها ، قال : فأبى علي إلا أن يخرج معهما. فقلت له لما أبى علي : أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة ذلول فالزم ظهرها ، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها ، فخرج معهما عليها حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال أبو جهل بن هشام : والله لقد استبطأت بعيري هذا أفلا تحملني على ناقتك هذه ؟ قال : بلى ، فأناخ وأناخا ليتحول عليها ، فلما استووا بالأرض عديا عليه وأوثقاه ، ثم أدخلاه مكة وفتناه فافتتن ، قال : وكنا نقول : والله لا يقبل الله ممن افتتن صرفا ولا عدلا ، ولا تقبل توبة قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم ، قال : وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أنزل الله فيهم وفي قولنا لهم وقولهم لأنفسهم ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) [ ص: 260 ] إلى قوله: ( وأنتم لا تشعرون ) قال عمر : فكتبتها في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاصي . قال هشام : فلم أزل أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه حتى فهمتها ، قال : فألقي في نفسي أنها إنما أنزلت فينا، وفيما كنا نقول في أنفسنا ، ويقال : فينا فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عمر ، ولا نعلم روي عن عمر متصلا إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد .

التالي السابق


الخدمات العلمية