صفحة جزء
[ ص: 18 ] 2090 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثني عفان قال : وكتب لي بيده وقرأه علي قال : نا حماد بن سلمة قال : أنا ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان ملك ممن كان قبلكم فدفع غلاما له إلى ساحر فعلمه السحر ، وكان بين الساحر والملك راهب ، فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه ، فكان إذا أتى الساحر قال : ما حبسك ؟ قال : حبسني أهلي ، فإذا أتى أهله جلس عند الراهب فيبطئ ، فإذا أتى أهله ضربوه ، فشكى إلى الراهب ، فقال : إذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسني أهلي ، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني الساحر ، فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجاوزوا ، فقال : اليوم أعلم الراهب أحب إلى الله أم الساحر ؟ فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك - أرضى - من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ، فرماها فقتلها ، ومضى الناس ، فأخبر الراهب بذلك ، فقال : إنك أفضل مني ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدل علي ، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص قال : وكان جليس للملك يعني رجلا كان يجالسه ، فعمي فسمع به - يعني فسمع بالغلام - وأتاه بهدايا كثيرة ، فقال له : اشفني ، فقال : ما أشفي أنا أحدا فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك ، فآمن فدعا الله فشفاه ، ثم أتى الملك - يعني الرجل الذي كان يأتيه - فجلس كما كان يجلس ، [ ص: 19 ] فقال له فلان : من رد عليك بصرك ؟ قال : ربي قال : أنا ربك قال : لا ، ولكن ربي الله قال : ولك رب غيري ؟ قال : نعم قال : فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام ، فبعث إليه فقال : قد بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص قال : ما أشفي أحدا ، ما يشفي غير الله قال : ولك رب غيري ؟ قال : نعم ربي وربك الله ، فأخذه أيضا بالعذاب ، فلم يزل به حتى دل على الراهب ، فأتي بالراهب ، فقال : ارجع عن دينك فأبى ، فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض ، وقال : للأعمى ارجع عن دينك فأبى قال : فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض ، وقال للغلام : ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا ، فقال : إذا بلغتم به فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه من فوقه ، فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال : اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل ، وجاء الغلام يمشي إلى الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله ، فبعث به مع آخرين إلى البحر ، وقال : إن رجع عن دينه ولا فغرقوه فلحجوا به ، فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت ، فغرقوا أجمعون ، وجاء الغلام يمشي حتى دخل على الملك ، فقال : ما فعل أصحابك ؟ فقال : كفانيهم الله ، ثم قال للملك : إنك لا تستطيع أن تقتلني ، حتى تفعل ما آمرك به ، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني ، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد واحد ، ثم تصلبني على جذع ، فتأخذ سهما من كنانتي ، ثم تقول : بسم الله رب الغلام ، [ ص: 20 ] فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني قال : فوضع السهم في كبد قوسه ، ثم رماه ثم قال : بسم الله رب الغلام ، فوقع السهم في صدغه ، فوضع الغلام يده على موضع السهم ، فمات ، فقال الناس : آمنا برب الغلام ، فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر ، فقد والله نزل بك ، قد آمن الناس كلهم ، فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخدود وأضرمت فيها النيران ، وقال : من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها ، فكانوا يتقادعون فيها ، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست أن تقع فيها ، فقال لها الصبي : يا أمه اصبري فإنك على الحق

التالي السابق


الخدمات العلمية