صفحة جزء
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد

[ ص: 41 ] 2110 - حدثنا محمد بن المثنى قال : نا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال : نا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت - يعني البناني - ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن المقداد قال : أقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهبت أبصارنا وأسماعنا من الجوع ، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس منهم أحد يقبلنا ، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلق بنا ، فإذا ثلاثة أعنز ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتلبوا هذا اللبن فاقسموه بيننا " فكنا نفعل ذلك ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم فيجيء من الليل فيسلم تسليما ، لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان ، ثم يأتي المسجد فيصلي ، ثم يأتي شرابه فيشرب ، فأتاني الشيطان ذات ليلة ، فقال : محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم ما به حاجة إلى هذه الجرعة . فما زال عني حتى شربتها ، فلما عرف أني قد واريتها في بطني وعرف أن ليس إليها سبيل ندمني ، وقال : ويحك ما صنعت شربت شراب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجيء محمد فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك . وعلي شملة ، إذا رفعتها على رأسي خرجت قدماي ، وإذا أرسلتها على قدمي خرج رأسي ، فجعل لا يجيئني النوم ، وأما صاحبي فناما ولم يصنعا ما صنعت ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم وأتى المسجد فصلى وأتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه ، [ ص: 42 ] فقلت : الآن يدعو علي فأهلك ، فقال : " اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني " ، فلما سمعت ذلك شددت علي الشملة وأخذت الشفرة فعمدت إلى الأعنز أنظر وأختار أيتهن أسمن كيما أذبحها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجسستهن فإذا هن حفل كلهن ، فعمدت إلى إناء لآل محمد ما كانوا يطمعون أن يحلبوا فيه ، فحلبت فيه حتى علته الرغوة ، فجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أما شربتم شرابكم " فقلت : يا رسول الله اشرب ، فشرب ، ثم ناولني ، فقلت : اشرب ، فشرب ، ثم ناولني ، فأخذت ما بقي ، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شرب ، وأمنت دعوته ، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض ، فقال : " إحدى سوآتك يا مقداد ؟ " ، فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أمري كذا وكذا فحدثته بالذي صنعته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما كان هذا إلا رحمة من الله ، ألا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا ؟ " فقلت : والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبت منها ، وأصبت منها من أصاب من الناس .

[ ص: 43 ] وهذا الكلام لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن المقداد وحده ، ولا نعلم له إسنادا عن المقداد إلا هذا الإسناد .

التالي السابق


الخدمات العلمية