صفحة جزء
2497 - حدثنا موسى بن عبد الله أبو طلحة قال : أخبرنا بكر بن [ ص: 457 ] سليمان ، عن محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن عروة ، عن أبيه قال : قلت لعبد الله بن عمرو : ما أكثر ما رأيت قريشـا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته ؟ قال : قد حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر ، فذكروا ، فقالوا : ما رأينا مثل صبرنا من أمر هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، لقد صبرنا منه على أمر عظيم ، فبينا هم كذلك إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، فلما أن مر بهم غمزوه فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجهه ، فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها ، ثم قال : " تسمعون يا معشر قريش ، والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح " قال : فأخذت القوم كآبة حتى ما منهم رجل إلا على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه قبل ذلك ليلقاه بأحسن ما يجد من القول إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان من الغد اجتمعوا وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه حتى إذا أتاكم بما تكرهون تركتموه ، فبينا هم كذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : قوموا إليه وثبة رجل واحد ، فما زالوا يقولون : أنت الذي تقول كذا وكذا لما بلغهم من عيب آلهتهم قال : فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم أنا الذي [ ص: 458 ] أقول ذلك " قال : فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بجامع ردائه قال : وقام أبو بكر دونه وهو يبكي يقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ، ثم انصرفوا عنه فكان ذلك أشد ما رأيت قريشـا بلغت منه قط صلى الله عليه وسلم .

آخر الثالث والعشرين ، وأول الرابع والعشرين ، والحمد لله كثيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية