صفحة جزء
279 - حدثنا الحسن بن الصباح ، ومحمد بن رزق الله ، قالا : نا إسحاق بن إبراهيم ، عن أسامة بن زيد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " أتحبون أن أعلمكم ، أول إسلامي ؟ قال : قلنا : نعم ، قال : كنت أشد الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا أنا في يوم شديد الحر في بعض طرق مكة إذ رآني رجل من قريش فقال : أين تذهب يا ابن الخطاب ؟ قلت : أريد هذا الرجل ، فقال : يا ابن الخطاب قد دخل عليك هذا الأمر في منزلك وأنت تقول هكذا ، فقلت : وما ذاك ؟ فقال : إن أختك قد ذهبت إليه ، قال : فرجعت مغتضبا حتى قرعت عليها الباب ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أسلم [ ص: 401 ] بعض من لا شيء له ضم الرجل والرجلين إلى الرجل ينفق عليه قال : وكان ضم رجلين من أصحابه إلى زوج أختي ، قال : فقرعت الباب ، فقيل لي : من هذا ؟ قلت : أنا عمر بن الخطاب ، وقد كانوا يقرءون كتابا في أيديهم ، فلما سمعوا صوتي قاموا حتى اختبئوا في مكان وتركوا الكتاب ، فلما فتحت لي أختي الباب قلت : أيا عدوة نفسها أصبوت ؟ قال : وأرفع شيئا فأضرب به على رأسها ، فبكت المرأة وقالت لي : يا ابن الخطاب ، اصنع ما كنت صانعا فقد أسلمت ، فذهبت فجلست على السرير فإذا بصحيفة وسط الباب ، فقلت : ما هذه الصحيفة ها هنا ؟ فقالت لي : دعنا عنك يا ابن الخطاب فإنك لا تغتسل من الجنابة ، ولا تتطهر ، وهذا لا يمسه إلا المطهرون ، فما زلت بها حتى أعطتنيها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم فلما قرأت " الرحمن الرحيم " تذكرت من أين اشتق ، ثم رجعت إلى نفسي فقرأت في الصحيفة ( سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) فكلما مررت باسم من أسماء الله ذكرت الله ، فألقيت الصحيفة من يدي ، قال : ثم أرجع إلى نفسي فأقرأ فيها ( سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ) حتى بلغ ( آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) قال : قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، فخرج القوم مبادرين فكبروا استبشارا بذلك ، ثم قالوا لي : أبشر يا ابن الخطاب فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا يوم الإثنين فقال : " اللهم أعز الدين بأحب هذين الرجلين إليك ، إما عمر بن [ ص: 402 ] الخطاب وإما أبو جهل بن هشام ، وأنا أرجو أن تكون دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك ، فقلت : دلوني على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أين هو ؟ فلما عرفوا الصدق مني دلوني عليه في المنزل الذي هو فيه ، فجئت حتى قرعت الباب فقال : من هذا ؟ فقلت : عمر بن الخطاب - وقد علموا شدتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلموا بإسلامي - فما اجترأ أحد منهم أن يفتح لي حتى قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " افتحوا له فإن يرد الله به خيرا يهده " قال : ففتح لي الباب ، فأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أرسلوه " فأرسلوني ، فجلست بين يديه فأخذ بمجامع قميصي ثم قال : " أسلم يا ابن الخطاب ، اللهم اهده " فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : فكبر المسلمون تكبيرة سمعت في طرق مكة ، قال : وقد كانوا سبعين قبل ذلك وكان الرجل إذا أسلم فعلم به الناس يضربونه ويضربهم ، قال : فجئت إلى رجل فقرعت عليه الباب فقال : من هذا ؟ قلت : عمر بن الخطاب ، فخرج إلي فقلت له : أعلمت أني قد صبوت ؟ قال : أو فعلت ؟ قلت : نعم ، فقال : لا تفعل ، قال : ودخل البيت فأجاف الباب دوني ، قال : فذهبت إلى رجل آخر من قريش فناديته فخرج فقلت له : أعلمت أني قد صبوت ، فقال : أو فعلت ؟ قلت : نعم ، قال : لا تفعل ودخل البيت وأجاف الباب دوني ، فقلت : ما هذا بشيء ، قال : فإذا أنا لا أضرب ولا يقال لي شيء ، فقال الرجل أتحب أن يعلم إسلامك ؟ قال : قلت : [ ص: 403 ] نعم ، قال : إذا جلس الناس في الحجر فأت فلانا فقل له فيما بينك وبينه : أشعرت أني قد صبوت فإنه قل ما يكتم الشيء ، فجئت إليه وقد اجتمع الناس في الحجر فقلت له فيما بيني وبينه : أشعرت أني قد صبوت ؟ قال : فقال : أفعلت ؟ قال : قلت : نعم ، قال : فنادى بأعلى صوته : ألا إن عمر قد صبا ، قال : فثار إلي أولئك الناس فما زالوا يضربوني وأضربهم حتى أتى خالي فقيل له : إن عمر قد صبا ، فقام على الحجر فنادى بأعلى صوته : ألا إني قد أجرت ابن أختي فلا يمسه أحد ، قال : فانكشفوا عني فكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب إلا رأيته فقلت : ما هذا بشيء ، إن الناس يضربون وأنا لا أضرب ، ولا يقال لي شيء فلما جلس الناس في الحجر جئت إلى خالي فقلت : اسمع ، جوارك عليك رد ، قال : لا تفعل ، قال : فأبيت فما زلت أضرب وأضرب حتى أظهر الله الإسلام " .

وهذا الحديث لا نعلم رواه عن أسامة بن زيد ، عن أبيه ، عن جده ، عن عمر إلا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، ولا نعلم يروى في قصة إسلام عمر إسناد أحسن من هذا الإسناد ، على أن الحنيني قد ذكرنا أنه خرج عن المدينة فكف واضطرب حديثه .

التالي السابق


الخدمات العلمية