صفحة جزء
20732 أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن زياد بن جيل عن [ ص: 354 ] أبي كعب الحارثي - وهو ذو الإداوة - قال : سمعته يقول : " خرجت في طلب إبل لي ضوال ، فتزودت لبنا في إداوة ، قال : ثم قلت في نفسي : ما أنصفت ، فأين الوضوء ، فأهرقت اللبن وملأتها ماء ، فقلت : هذا وضوء وهذا شراب ، قال : فلبثت أبغي إبلي ، فإذا أردت أن أتوضأ اصطببت من الإداوة ماء فتوضأت ، وإذا أردت أن أشرب اصطببت لبنا فشربته ، فمكثت بذلك ثلاثا ، قال : فقالت له أسماء النجرانية : يا أبا كعب ، أقطيبا كان أم حليبا ؟ قال : قلت : إنك لبطالة ، كان يعصم من الجوع ويروي من الظماء ، أما إني حدثت بهذا نفرا من قومي فيهم علي بن الحارث سيد بني فنان ، فقال : ما أظن الذي تقول كما تقول ، قال : قلت : الله أعلم بذلك ، قال : فرجعت إلى منزلي فبت ليلتي تلك ، قال : فإذا أنا به صلاة الصبح إلى بابي فخرجت إليه ، فقلت : يرحمك الله ، لم تعنيت إلي ، ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ قال : لا ، أنا أحق بذلك أن آتيك ، ما نمت الليلة إلا أتاني آت ، فقال : أنت الذي تكذب من يحدث بأنعم الله ، قال : ثم خرجت حتى أتيت المدينة ، فأتيت عثمان فسألته عن [ ص: 355 ] شيء من أمر ديني ، قال : فقلت : يا أمير المؤمنين ، إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث وإني أسألك عن أشياء ، فأمر حاجبك أن لا يحجبني ، قال : يا وثاب ، إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له ، قال : فكنت إذا جئت فقرعت الباب ، قال : من ذا ؟ قال : الحارثي فيأذن لي ، قال : ادخل ، قال : فدخلت فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون كأن على رءوسهم الطير ، قال : فسلمت ، ثم جلست ولم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم ، قال : فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر ، فقالوا : أبى أن يجيء ، قال : فغضب وقال : أبى أن يجيء ؟ اذهبوا فجيئوا به ، فإن أبى فجروه جرا ، فمكثت قليلا ، فجاءوا فجاء معهم رجل أدم طوال ، أصلع في مقدم رأسه شعرات ، وفي قفائه شعرات ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : عمار بن ياسر ، فقال : أنت الذي يأتيك رسلنا فتأبى أن تأتيني ؟ قال : فكلمه بشيء لا أدري ما هو ، قال : ثم خرج فما زالوا ينقضون من عنده حتى ما بقي غيري ، قال : فقام ، قال : فقلت : والله لا أسأل عن هذا أحدا ، أقول : حدثني فلان حتى أرى ما يصنع ، قال : فتبعته حتى دخل المسجد ، فإذا عمار بن ياسر جالس إلى سارية وحوله نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبكون ، قال : فقال عثمان : يا وثاب علي بالشرط ، قال : فجاء الشرط ، فقال : فرقوا بين هؤلاء ، قال : ففرقوا بينهم ، قال : ثم أقيمت الصلاة ، فتقدم عثمان فصلى ، فلما كبر قامت امرأة من حجرتها فقالت : أيها الناس [ ص: 356 ] اسمعوا ، قال : ثم تكلمت فذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعثه الله به ، ثم قالت : تركتم أمر الله وخالفتم رسوله - أو نحو هذا - ثم صمتت فتكلمت أخرى مثل ذلك ، فإذا هي عائشة وحفصة قال : فلما سلم عثمان أقبل على الناس ، فقال : إن هاتان الفتانتان فتنتا الناس في صلاتهم ، وإلا تنتهيا أو لأسبنكما ما حل لي السباب ، وإني لأصلكما لعالم ، قال : فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : وفيما أنت وما هاهنا ، قال : ثم أقبل على سعد عامدا إليه ، قال : وانسل سعد فخرج من المسجد ، فلقي عليا بباب المسجد ، فقال له علي : أين تريد ؟ قال : أريد هذا الذي كذا وكذا - يعني سعدا - فشتمه فقال له علي : أيها الرجل دع هذا عنك ، قال : فلم يزل بهما الكلام حتى غضب عثمان فقال : ألست المتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تبوك ؟ قال : فقال علي : ألست الفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ؟ قال : ثم حجز الناس ، قال : ثم خرجت من المدينة حتى أتيت الكوفة ، فوجدتهم أيضا قد وقع بينهم شيء ونشبوا في الفتنة ، وردوا سعيد بن العاص ولم يدعوه يدخل إليهم ، قال : فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية