صفحة جزء
6267 عبد الرزاق ، عن حسين بن مهران ، عن المطرح أبي المهلب ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جاء أبو سعيد الخدري إلى علي بن أبي طالب وهو جالس وهو محتب ، فسلم عليه فرد عليه فقال : أبا حسن أخبرني عن المشي أمام الجنازة إذا شهدتها أي ذلك أفضل أخلفها أم أمامها ؟ قال : فقطب علي بين عينيه ، ثم قال : سبحان الله أمثلك يسأل عن هذا ؟ فقال أبو سعيد : نعم ، والله لمثلي يسأل عن مثل هذا ، فمن يسأل عن مثل هذا إلا مثلي ؟ فقال علي : " والذي بعث محمدا بالحق إن فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل صلاة المكتوبة على التطوع " ، فقال له أبو سعيد الخدري : يا أبا حسن ، أبرأيك تقول هذا أم بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : فغضب ثم قال سبحان الله يا أبا سعيد أمثل هذا أقوله برأيي ، لا والله بل سمعته مرارا يقوله غير مرة ولا اثنتين ولا ثلاثة حتى عد سبع مرات ، فقال أبو سعيد : فوالله ما جلست جالسا منذ شهدت جنازة إلا لرجل من الأنصار ، [ ص: 448 ] فشهدها أبو بكر وعمر وجميع الصحابة ، فنظرت إلى أبي بكر وعمر يمشيان أمامها ، قال فضحك علي وقال : أنت رأيتهما يفعلان ذلك ؟ فقال أبو سعيد : نعم ، فقال علي : لو حدثني بهن غيرك ما صدقته ، ولكني أعلم أن الكذب ليس من شأنك يغفر الله لهما ، إن خير هذه الأمة أبو بكر بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب ، ثم الله أعلم بالخير أين هو ، ولئن كنت رأيتهما يفعلان ذلك فإنهما ليعلمان أن فضل الماشي خلفها على الماشي أمامها كفضل صلاة المكتوبة على صلاة التطوع ، كما يعلمان أن دون غد ليلة ، ولقد سمعا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعت ، ولكنهما كرها أن يجتمع الناس ويتضايقوا فأحبا أن يتقدما وأن يسهلا ، وقد علما أنه يقتدى بهما ، فمن أجل ذلك تقدما ، فقال أبو سعيد : يا أبا حسن : أرأيت إن شهدت الجنازة أحملها واجب على من شهدها ؟ قال : لا ، ولكنه خير ، فمن شاء أخذ ومن شاء ترك ، فإذا أنت شهدت الجنازة فقدمها بين يديك ، واجعلها نصبا بين عينيك فإنما هي موعظة وتذكرة وعبرة ، فإن بدا لك أن تحمله فانظر إلى مقدم السرير فانظر إلى جانبه الأيسر فاجعله على منكبك الأيمن ، فإذا جئت المقبرة فصليت عليها فلا تجلس ، وقم على قبره ، فإنك ترى أمرا عظيما ، فإني سمعت رسول [ ص: 449 ] الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أخوك أخوك ، كان ينافسك في الدنيا ويشاحك فيها ، تضايق به سهولة الأرض قصورا ، فإذا هو يدخل في جوف قبر منحرفا على جنبه ، فإن لم يدعوك فلا تدع أن تقوم حتى يدلى في حفرته ، وإن قاتلوك قتالا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية