صفحة جزء
حديث أصحاب الأخدود

9751 عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر همس ، والهمس في قول بعضهم يحرك شفتيه كأنه يتكلم بشيء فقيل له : يا نبي الله إنك إذا صليت العصر همست ؟ فقال : " إن نبيا من الأنبياء كان أعجب بأمته ، فقال : من يقوم لهؤلاء ؟ فأوحى إليه أن خيرهم بين أن أنتقم منهم ، أو أسلط عليهم عدوهم ، فاختاروا النقمة فسلط الله عليهم الموت فمات منهم في يوم سبعون ألفا " .

قال : وكان إذا حدث بهذا الحديث حدث بهذا الآخر قال : وكان ملك من الملوك وكان لذلك الملك كاهن يتكهن له
فقال ذلك الكاهن : انظروا لي غلاما فطنا أو قال : لقنا أعلمه علمي هذا ، فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم [ هذا ] العلم ، ولا يكون

[ ص: 421 ] فيكم من يعلمه قال : فنظروا له غلاما على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن ، وأن يختلف إليه قال : وكان على طريق الغلام راهب في صومعة " ، قال معمر : وأحسب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمين قال : " فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به ، فلم يزل حتى أخبره فقال : إنما أعبد الله ، وجعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطئ عن الكاهن قال : فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام أنه لا يكاد يحضرني ، فأخبر الغلام الراهب بذلك فقال له الراهب : إذا قال الكاهن أين كنت ؟ فقل : كنت عند أهلي ، وإذا قال لك أهلك : أين كنت ؟ فقل : كنت عند الكاهن قال : فبينا الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كبيرة ، قد حبستهم دابة قال بعضهم : إن تلك الدابة يعني الأسد ، وأخذ الغلام حجرا فقال : اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتل هذه الدابة ، وإن كان ما يقول الكاهن حقا فأسألك أن لا أقتلها قال : ثم رماها فقتل الدابة ، فقال الناس : من قتلها ؟ فقالوا : الغلام ففزع إليه الناس وقالوا : قد علم هذا الغلام علما لم يعلمه أحد فسمع به أعمى فجاءه فقال له : إن أنت رددت علي بصري فلك كذا وكذا ، فقال له الغلام : لا أريد منك هذا ، ولكن إن رد إليك بصرك أتؤمن بالذي رده عليك ؟ قال : [ ص: 422 ] نعم قال : فدعا الله فرد عليه بصره قال : فآمن الأعمى ، فبلغ ذلك الملك أمرهم فبعث إليهم ، فأتي بهم فقال : لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتلها صاحبها قال : فأمر بالراهب وبالرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتل ، وقتل الآخر بقتلة أخرى ، ثم أمر بالغلام فقال : انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا ، فألقوه من رأسه ، فلما انطلقوا به إلى ذلك المكان الذي أرادوا جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ، ويتردون منه ، حتى لم يبق إلا الغلام فرجع ، فأمر به الملك فقال : انطلقوا به إلى البحر فألقوه فيه ، فانطلق به إلى البحر ، فغرق الله من كان معه ، وأنجاه الله فقال الغلام : إنك لن تقتلني حتى تصلبني وترميني وتقول إذا رميتني : باسم رب الغلام ، أو قال بسم الله رب الغلام ، فأمر به فصلب ثم رماه وقال : بسم الله رب الغلام قال : فوضع الغلام يده على صدغه ثم مات ، فقال الناس : لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد ، فإنا نؤمن برب هذا الغلام قال : فقيل للملك : أجزعت أن خالفك ثلاثة فهذا العالم كلهم قد خالفوك قال : فخد الأخدود ، ثم ألقى فيها الحطب والنار ، ثم جمع الناس فقال : من رجع إلى دينه تركناه ، ومن لم يرجع ألقيناه في النار ، فجعل يلقيهم في تلك الأخدود قال : فذلك قول الله [ ص: 423 ] قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود حتى بلغ العزيز الحميد قال : فأما الغلام فإنه دفن " قال : فيذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب رحمه الله وإصبعه على صدغه كما كان وضعها
، قال عبد الرزاق : " والأخدود بنجران " .

التالي السابق


الخدمات العلمية