صفحة جزء
حديث أصحاب الكهف

9752 عبد الرزاق ، عن معمر قال : أخبرني إسماعيل بن شروس ، عن وهب بن منبه قال : " جاء رجل من حواري عيسى ابن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها ، فقيل إن على بابها صنما لا يدخلها أحد إلا سجد له ، فكره أن يدخله فأتى حماما ، فكان قريبا من تلك المدينة ، وكان يعمل فيه يواجر نفسه من صاحب الحمام [ ص: 424 ] ورأى صاحب الحمام في حمامه البركة والرفق ، وفوض إليه ، وجعل يسترسل إليه ، وعلقه فتية من أهل المدينة ، فجعل يخبرهم عن خبر السماء والأرض وخبر الآخرة ، حتى آمنوا به وصدقوه ، وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة ، وكان يشترط على صاحب الحمام أن الليل لي ، ولا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت ، حتى جاء ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمام ، فعيره الحواري فقال : أنت ابن الملك ، وتدخل معك هذه الكذا وكذا ، فاستحيى فذهب فرجع مرة أخرى [ فقال له مثل ذلك ] فسبه وانتهره ، ولم يلتفت حتى دخل ، ودخلت معه المرأة فباتا في الحمام فماتا فيه [ فأتي الملك فقيل له قتل صاحب الحمام ابنك ] فالتمس فلم يقدر [ عليه ] وهرب [ فقال : ] من كان يصحبه ، فسموا الفتية فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له ، وهو على مثل أمرهم فذكروا له أنهم التمسوا فانطلق معهم ومعه كلب حتى أواهم الليل إلى كهف ، فدخلوا فيه فقالوا : نبيت هاهنا الليلة ، ثم نصبح إن شاء الله ثم ترون رأيكم قال : فضرب على آذانهم ، فخرج الملك [ ص: 425 ] بأصحابه يتبعونهم حتى وجدوهم ، فدخلوا الكهف ، فكلما أراد الرجل منهم أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخل فقال له قائل : ألست قلت : لو كنت قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى قال : فابن عليهم باب الكهف ، ودعهم [ فيه ] يموتوا عطشا وجوعا ، ففعل ، ثم غبروا زمانا ، ثم إن راعي غنم أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف وأدخلت غنمي من المطر ، فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فأدخلها فيه ورد الله أرواحهم في أجسادهم من الغد ، حين أصبحوا ، فبعثوا أحدهم بورق ليشتري لهم طعاما ، فلما أتى باب مدينتهم جعل لا يري أحدا من ورقه شيئا إلا استنكرها حتى جاء رجلا فقال : بعني بهذه الدراهم طعاما قال : ومن أين هذه الدراهم ؟ قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس فأوانا الليل ، ثم أصبحنا فأرسلوني فقال : هذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان ، فأنى لك هذه الدراهم ؟ فرفعه إلى الملك ، وكان رجلا صالحا فقال : من أين لك هذه الورق ؟ .

[ ص: 426 ] قال : خرجت أنا وأصحاب لي أمس حتى أدركنا الليل في كهف كذا وكذا ، [ ثم ] أمروني أصحابي أن أشتري لهم طعاما قال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف فانطلق معه حتى أتى باب الكهف فقال : دعوني حتى أدخل على أصحابي قبلكم ، فلما رأوه ودنا منهم ، ضرب على أذنه وآذانهم فأرادوا أن يدخلوا عليهم ، فجعل كلما دخل رجل رعب ، فلم يقدروا أن يدخلوا عليهم ، فبنوا كنيسة ، وبنوا مسجدا يصلون فيه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية