صفحة جزء
1570 - قال أبو بكر : " وفي أخبار وابصة بن معبد : رأى رجلا صلى خلف الصف وحده ، فأمره أن يعيد الصلاة واحتج بعض أصحابنا وبعض من قال بمذهب العراقيين في إجازة صلاة المأموم خلف الصف وحده بما هو بعيد الشبه من هذه المسألة ، احتجوا بخبر أنس بن مالك أنه صلى وامرأة خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعله عن يمينه ، والمرأة خلف ذلك ، فقالوا : إذا جاز للمرأة أن تقوم خلف الصف وحدها ، جاز صلاة المصلي خلف الصف وحده وهذا الاحتجاج عندي غلط ؛ لأن سنة المرأة أن تقوم خلف الصف وحدها إذا لم تكن معها امرأة أخرى ، وغير جائز لها أن تقوم بحذاء الإمام ولا في الصف مع الرجال ، والمأموم من الرجال إن كان واحدا ، فسنته أن يقوم عن يمين إمامه ، وإن كانوا جماعة قاموا في صف خلف الإمام حتى يكمل الصف الأول ، ولم يجز للرجل أن يقوم خلف الإمام والمأموم واحد ، ولا خلاف بين أهل العلم أن هذا الفعل لو فعله فاعل - فقام خلف إمام ومأموم قد قام عن يمينه - خلاف سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانوا قد اختلفوا في إيجاب إعادة الصلاة ، والمرأة إذا قامت خلف الصف ولا امرأة معها ولا نسوة فاعلة ما أمرت به وما هو سنتها في القيام ، والرجل إذا قام في الصف وحده فاعل ما ليس من سنته ، إذ سنته أن يدخل الصف فيصطف مع المأمومين ، فكيف [ ص: 755 ] يكون أن يشبه ما زجر المأموم عنه - مما هو خلاف سنته في القيام - بفعل امرأة فعلت ما أمرت به مما هو سنتها في القيام خلف الصف وحدها ؟ فالمشبه المنهي عنه بالمأمور به مغفل بين الغفلة مشبه بين فعلين متضادين ، إذ هو مشبه منهيا عنه بمأمور به ، فتدبروا هذه اللفظة يبن لكم بتوفيق خالقنا حجة ما ذكرنا . وزعم مخالفونا من العراقيين في هذه المسألة أن المرأة لو قامت في الصف مع الرجال حيث أمر الرجل أن يقوم أفسدت صلاة من عن يمينها ، ومن عن شمالها ، والمصلي خلفها ، والرجل مأمور عندهم أن يقوم في الصف مع الرجال ، فكيف يشبه فعل امرأة - لو فعلت أفسدت صلاة ثلاثة من المصلين - بفعل من هو مأمور بفعله ؟ إذا فعله لا يفسد فعله صلاة أحد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية