صفحة جزء
( 2 ) باب الدليل أن فرض الجمعة على البالغين دون الأطفال ، وهذا من الجنس الذي نقول : إنه من الأخبار المعللة الذي يجوز القياس عليه ، قد بينته في عقب الخبر .

1721 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، ثنا يحيى بن بكير ، ثنا المفضل بن فضالة ، حدثني عياش بن عباس ، ( ح ) ، وثنا محمد بن علي بن حمزة ، ثنا يزيد بن خالد وهو ابن موهب ، ثنا المفضل بن فضالة ، عن عياش بن عباس القتباني ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " على كل محتلم رواح الجمعة ، وعلى من راح الجمعة الغسل " .

قال أبو بكر : هذه اللفظة : " على كل محتلم رواح الجمعة " من اللفظ [ ص: 831 ] الذي نقول : إن الأمر إذا كان لعلة فالتمثيل والتشبيه به جائز متى كانت العلة قائمة فالأمر واجب ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما علم أن على المحتلم رواح الجمعة ؛ لأن الاحتلام بلوغ ، فمتى كان البلوغ وإن لم يكن احتلام وكان البلوغ بغير احتلام ، ففرض الجمعة واجب على كل بالغ وإن كان بلوغه بغير احتلام ، ولو كان على غير أصلنا وكان على أصل من خالفنا في التشبيه والتمثيل ، وزعم أن الأمر لا يكون لعلة ، ولا يكون إلا تعبدا ، لكان من بلغ عشرين سنة وثلاثين سنة وهو حر عاقل ، فسمع الأذان للجمعة في المصر أو هو على باب المسجد لم يجب عليه رواح الجمعة إن لم يكن احتلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم أن رواح الجمعة على المحتلم ، وقد يعيش كثير من الناس السنين الكثيرة فلا يحتلم أبدا ، وهذا كقوله - عز وجل - : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم فإنما أمر الله - عز وجل - بالاستئذان من قد بلغ الحلم ، إذ الحلم بلوغ ، ولو لم يجز الحكم بالتشبيه والنظير كان من بلغ ثلاثين سنة ولم يحتلم لم يجب عليه الاستئذان ، وهذا كخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رفع القلم عن ثلاثة " ، قال في الخبر : " وعن الصبي حتى يحتلم " ، ومن لم يحتلم وبلغ من السن ما يكون إدراكا من غير احتلام فالقلم عنه غير مرفوع ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد بقوله : " حتى يحتلم " : أن الاحتلام بلوغ ، فمتى كان البلوغ - وإن كان بغير احتلام - فالحكم عليه ، والقلم جار عليه ، كما يكون بعد الاحتلام " .

التالي السابق


الخدمات العلمية