صفحة جزء
( 211 ) باب ذكر الدليل على أن الجنب يجزيه التيمم عند الإعواز من الماء في السفر ، والدليل على أن التيمم ليس كالغسل في جميع أحكامه ، إذ المغتسل من الجنابة لا يجب عليه غسل ثان إلا بجنابة حادثة ، والتيمم في الجنابة عند الإعواز من الماء يجب عليه غسل عند وجود الماء .

271 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا بندار ، نا يحيى بن سعيد ، وابن أبي عدي ، ومحمد بن جعفر ، وسهل بن يوسف ، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي قالوا : حدثنا عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، نا عمران بن حصين قال : كنا في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإنا سرينا ذات ليلة حتى إذا كان السحر قبل الصبح وقعنا تلك الوقعة ، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها ، فما أيقظنا إلا حر الشمس - فذكر بعض الحديث - وقال : ثم نادى بالصلاة ، فصلى بالناس ، ثم انفتل من صلاته ، فإذا رجل معتزل لم يصل مع القوم ، فقال له : ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ " فقال : يا رسول الله أصابتني جنابة ولا ماء ، فقال : " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " ، ثم سار واشتكى إليه الناس فدعا فلانا - قد سماه أبو رجاء ونسيه عوف - ودعا علي بن أبي طالب ، فقال لهما : " اذهبا فابغيا لنا الماء " فانطلقا فتلقيا امرأة بين سطيحتين أو مزادتين على بعير - فذكر الحديث . وقال : ثم نودي في الناس أن اسقوا واستقوا ، فسقي من شاء واستقى من شاء قال : وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء ، وقال : " اذهب فأفرغه عليك " .

[ ص: 171 ] قال أبو بكر : " ففي هذا الخبر أيضا دلالة على أن المتيمم إذا صلى بالتيمم ، ثم وجد الماء فاغتسل إن كان جنبا ، أو توضأ إن كان محدثا ، لم يجب عليه إعادة ما صلى بالتيمم ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المصلي بالتيمم لما أمره بالاغتسال بإعادة ما صلى بالتيمم .

وفي الخبر أيضا دلالة على أن المغتسل بالجنابة لا يجب عليه الوضوء قبل إفاضة الماء على الجسد غير أعضاء الوضوء ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر الجنب بإفراغ الماء على نفسه ، ولم يأمره بالبدء بالوضوء وغسل أعضاء الوضوء ، ثم إفاضة الماء على سائر البدن ، كان في أمره إياه ما بان ، وصح أن الجنب إذا أفاض على نفسه كان مؤديا لما عليه من فرض الغسل .

وفي هذا ما دل على أن بدء المغتسل بالوضوء ، ثم إفاضة الماء على سائر البدن اختيار واستحباب لا فرض وإيجاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية