صفحة جزء
963 - أنا أبو طاهر ، نا أبو بكر قال : كذلك ثنا بندار ، ثنا أبو بكر ، يعني الحنفي ، نا أفلح قال : سمعت القاسم بن محمد ، عن عائشة ، فذكرت بعض صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقالت : فأذن بالرحيل في أصحابه ، فارتحل الناس ، فمر بالبيت قبل صلاة الصبح ، فطاف به ، ثم خرج ، فركب ، ثم انصرف متوجها إلى المدينة .

قال أبو بكر : ولم نسمع أحدا من العلماء من أهل الفقه يجعل ما وراء البناء المتصل بعضه ببعض في المدن من المدن ، وإن كان ما وراء البناء من حد تلك المدينة ، ومن أراضيها المنسوبة إلى تلك المدينة ، لا نعلمهم اختلفوا أن من خرج من مدينة يريد سفرا ، فخرج من البنيان المتصل بعضه ببعض أن له قصر الصلاة ، وإن كانت الأرضون التي وراء البناء من حد تلك المدينة .

[ ص: 476 ] وكذلك لا أعلمهم اختلفوا أنه إذا رجع يريد بلدة فدخل بعض أراضي بلدة ، ولم يدخل البناء ، وكان خارجا من حد البناء المتصل بعضه ببعض أن له قصر الصلاة ما لم يدخل موضع البناء المتصل بعضه ببعض .

ولا أعلمهم اختلفوا أن من خرج من مكة من أهلها ، أو من قد أقام بها قاصدا سفرا يقصر فيه الصلاة ، ففارق منازل مكة ، وجعل جميع بنائها وراء ظهره وإن كان بعد في الحرم أن له قصر الصلاة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة في حجته ، فخرج يوم التروية قد فارق جميع بناء مكة ، وسار إلى منى ، وليس منى من المدينة التي هي مدينة مكة ، فغير جائز من جهة الفقه إذا خرج المرء من مدينة - لو أراد سفرا - بخروجه منها جاز له قصر الصلاة أن يقال إذا خرج من بنائها هو في البلدة ، إذ لو كان في البلدة لم يجز له قصر الصلاة حتى يخرج منها ، فالصحيح على معنى الفقه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم بمكة في حجة الوداع إلا ثلاثة أيام ولياليهن كوامل ، يوم الخامس والسادس والسابع ، وبعض يوم الرابع ، دون ليله ، وليلة الثامنة وبعض يوم الثامن ، فلم يكن هناك إزماع على مقام أربعة أيام بلياليها في بلدة واحدة ، فليس هذا الخبر إذا تدبرته بخلاف قول الحجازيين فيمن أزمع مقام أربع ، أنه يتم الصلاة ؛ لأن مخالفيهم يقولون : أن من أزمع مقام عشرة أيام في مدينة ، وأربعة أيام خارجا من تلك المدينة في بعض أراضيها التي هي خارجة من المدينة على قدر ما بين مكة ومنى في مرتين لا في مرة واحدة ، ويوما وليلة في موضع ثالث ما بين منى إلى عرفات كان له قصر الصلاة ، ولم يكن هذا عندهم إزماعا على مقام خمس عشرة على ما زعموا أن من أزمع مقام خمس عشرة وجب عليه إتمام الصلاة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية