صفحة جزء
3318 \ 265 - ونا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ، نا أبو كريب ، نا عبد الرحيم بن سليمان ، عن حجاج بن أرطاة ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن [ ص: 93 ] مالك ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : " قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دية الخطأ مائة من الإبل ، منها عشرون . حقة وعشرون جذعة ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون بنات مخاض ، وعشرون بني مخاض . هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث ، من وجوه عدة ، أحدها : أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، عن أبيه ، بالسند الصحيح عنه الذي لا مطعن فيه ، ولا تأويل عليه ، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه ، وعبد الله بن مسعود أتقى لربه وأشح على دينه من أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يقضي بقضاء ، ويفتي هو بخلافه ، هذا لا يتوهم مثله على عبد الله بن مسعود ، وهو القائل في مسألة وردت عليه لم يسمع فيها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ولم يبلغه عنه فيها قول : أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ورسوله ، وإن يكن خطأ فمني ، ثم يبلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مثلها ، فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحا لم يروه فرح مثله ، من موافقة فتياه قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن كانت هذه صفته وهذا حاله ، كيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويخالفه ، ويشهد أيضا لرواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه : ما رواه وكيع وعبد الله بن وهب وغيرهما ، عن سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بن مسعود ؛ أنه قال : دية الخطأ أخماسا .

3319 \ 266 - حدثنا به القاضي المحاملي ، نا العباس بن يزيد ، نا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، قال : دية الخطأ أخماسا ، ثم فسرها كما فسرها أبو عبيدة وعلقمة عنه سواء ، فهذه الرواية - وإن كان فيها [ ص: 94 ] إرسال - فإبراهيم النخعي هو من أعلم الناس بعبد الله وبرأيه وبفتياه ، قد أخذ ذلك عن أخواله علقمة والأسود وعبد الرحمن ابني يزيد وغيرهم ، من كبراء أصحاب عبد الله ، وهو القائل : إذا قلت لكم : قال عبد الله بن مسعود ، فهو عن جماعة من أصحابه عنه ، وإذا سمعته من رجل واحد ، سميته لكم .

ووجه آخر : وهو أن الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك ، عن ابن مسعود ، وهو رجل مجهول ، لم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي ، وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف ، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلا - مشهورا - أو رجل قد ارتفع عنه اسم الجهالة عنه ، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعدا ، فإذا كانت هذه صفته ارتفع عنه اسم الجهالة ، وصار حينئذ معروفا ، فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد ، انفرد بخبر ، وجب التوقف عن خبره ذلك ؛ حتى يوافقه غيره ، والله أعلم .

ووجه آخر : وهو أن خبر خشف بن مالك لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن جبير عنه إلا حجاج بن أرطاة ، والحجاج رجل مشهور بالتدليس ، وبأنه يحدث عن من لم يلقه ولم يسمع منه ، قال أبو معاوية الضرير : قال لي حجاج : لا يسألني أحد عن الخبر - يعني : إذا حدثتكم بشيء ، فلا تسألوني : من أخبرك به ؟ - وقال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة : كنت عند الحجاج بن أرطاة يوما ، فأمر بغلق الباب ، ثم قال : لم أسمع من الزهري شيئا ، ولم أسمع من إبراهيم ولا من الشعبي إلا حديثا واحدا ، ولا من فلان ولا من فلان ، حتى عد سبعة عشر أو بضعة عشر ، كلهم قد روى عنه الحجاج ، ثم زعم بعد روايته عنهم ؛ أنه لم يلقهم ولم يسمع منهم ، وترك الرواية عنه : سفيان بن عيينة ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعيسى بن يونس ، بعد أن جالسوه وخبروه ، وكفاك بهم علما بالرجال ونبلا ، قال سفيان بن عيينة : دخلت على الحجاج بن أرطاة ، وسمعت كلامه ، فذكر شيئا أنكرته ؛ فلم أحمل عنه شيئا ، وقال يحيى بن سعيد القطان : رأيت حجاج بن أرطاة بمكة ، فلم أحمل عنه شيئا ، ولم أحمل - أيضا - عن رجل عنه ، كان عنده مضطربا ، وقال يحيى بن معين : الحجاج بن أرطاة لا يحتج بحديثه ، وقال عبد الله بن إدريس : سمعت الحجاج يقول : لا ينبل الرجل حتى يدع الصلاة في الجماعة ، وقال عيسى بن يونس : سمعت الحجاج يقول : أخرج إلى [ ص: 95 ] الصلاة يزاحمني الحمالون والبقالون ، وقال جرير : سمعت الحجاج يقول : أهلكني حب المال والشرف .

ووجه آخر : وهو أن جماعة من الثقات رووا هذا الحديث عن الحجاج بن أرطاة ؛ فاختلفوا عليه فيه ؛ فرواه عبد الرحيم بن سليمان ، عن حجاج ، على اللفظ الذي ذكرنا عنه ، ووافقه على ذلك عبد الواحد بن زياد ، وخالفهما يحيى بن سعيد الأموي وهو من الثقات ؛ فرواه عن الحجاج ، عن زيد بن جبير ، عن خشف بن مالك ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخطأ أخماسا : عشرون جذاعا ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون بني لبون ، وعشرون بنات مخاض ، وعشرون بني مخاض ذكور " ؛ فجعل مكان الحقاق : بني لبون .

3320 \ 267 - حدثنا بذلك أحمد بن عبد الله وكيل أبي صخرة ، حدثنا عمار بن خالد التمار ، نا يحيى بن سعيد الأموي ، ورواه إسماعيل بن عياش ، عن الحجاج ، عن زيد بن حية ، عن خشف بن مالك ، عن ابن مسعود أيضا : " قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دية الخطأ أخماسا : خمسا جذاعا ، وخمسا حقاقا ، وخمسا بنات لبون ، وخمسا بنات مخاض ، وخمسا بني لبون ذكور " ؛ فجعل مكان بني المخاض : بني اللبون ، ووافق رواية أبي عبيدة ، عن عبد الله .

3321 \ 268 - حدثنا بذلك أحمد بن محمد بن رميح ، حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق العنزي ، نا علي بن حجر ، نا إسماعيل بن عياش ، ورواه أبو معاوية الضرير ، وحفص بن غياث ، وعمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي ، وأبو خالد الأحمر ، كلهم عن حجاج بهذا الإسناد ، عن زيد بن حية ، عن خشف بن مالك ، عن عبد الله ، قال : " جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دية الخطأ أخماسا " لم يزيدوا على هذا ، ولم يذكروا فيه تفسير الأخماس .

[ ص: 96 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية