صفحة جزء
كتاب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري

4391 \ 15 - حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن محمد النعماني ، نا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، نا عيسى بن يونس ، نا عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح الهذلي قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري : أما بعد ، فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ، فافهم إذا أدلي إليك بحجة ، وأنفذ الحق إذا وضح ؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاد له ، وآس بين الناس في [ ص: 448 ] وجهك ومجلسك وعدلك ، حتى لا يأيس الضعيف من عدلك ، ولا يطمع الشريف في حيفك ، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر ، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا ، لا يمنعنك قضاء قضيته راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع الحق ؛ فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ، الفهم الفهم فيما تخلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنة ، اعرف الأمثال والأشباه ثم قس الأمور عند ذلك فاعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى ، واجعل للمدعي أمدا ينتهي إليه ، فإن أحضر بينة أخذ بحقه وإلا وجهت القضاء عليه ، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر ، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلود في حد أو مجرب في شهادة زور ، أو ظنين في ولاء أو قرابة ، إن الله تعالى تولى منكم السرائر ، ودرأ عنكم بالبينات ، ثم وإياك والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر ، ويحسن بها الذخر ، فإنه من يصلح نيته فيما بينه وبين الله ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين للناس بما يعلم الله منه غير ذلك يشنه الله فما ظنك بثواب غير الله عز وجل في عاجل رزقه وخزائن رحمته والسلام عليك .

[ ص: 449 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية