صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى بني حارثة عن سويد بن النعمان أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء وهي من أدنى خيبر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فثري فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ
51 49 - ( مالك عن يحيى بن سعيد ) بكسر العين الأنصاري ( عن بشير ) بضم الموحدة وفتح المعجمة ( ابن يسار ) بتحتية ومهملة ( مولى بني حارثة ) من الأنصار الأنصاري الحارثي المدني وثقه ابن معين ، قال ابن سعد : كان شيخا كبيرا فقيها أدرك عامة الصحابة وكان قليل الحديث .

( عن سويد ) بضم السين ( ابن النعمان ) بضم النون ابن مالك الأنصاري ، صحابي شهد أحدا وما بعدها ما روى عنه سوى بشير ، وذكر العسكري أنه استشهد بالقادسية ، قال في الإصابة : وفيه نظر لأن بشير بن يسار سمع منه وهو لم يلحق ذلك الزمان .

( أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر ) بخاء معجمة مفتوحة وتحتية ساكنة وموحدة مفتوحة وراء غير منصرف للعلمية والتأنيث وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام ، ذكر أبو عبيد البكري أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها وهو خيبر أخو يثرب ابنا قانية ابن مهاييل ، وقيل : الخيبر بلسان اليهود الحصن ولذا سميت خيابر أيضا ذكره الحازمي .

( حتى إذا كانوا بالصهباء ) بفتح المهملة والمد ( وهي أدنى ) أي أسفل ( خيبر ) أي طرفها مما يلي المدينة ، وفي رواية للبخاري : وهي على روحة [ ص: 142 ] من خيبر .

وقال أبو عبيد البكري : هي على بريد .

وبين البخاري في الأطعمة من حديث ابن عيينة أن قوله : وهي أدنى خيبر من قول يحيى بن سعيد أدرجت .

( نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى العصر ثم دعا بالأزواد ) جمع زاد وهو ما يؤكل في السفر .

( فلم يؤت إلا بالسويق ) قال الداودي : وهو دقيق الشعير أو السلت المقلو ، وقال غيره : يكون من القمح ، وقد وصفه أعرابي فقال : عدة المسافر وطعام العجلان وبلغة المريض .

( فأمر به فثرى ) بضم المثلثة وشد الراء ويجوز تخفيفها أي بل بالماء لما لحقه من اليبس .

( فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) منه ( وأكلنا ) منه ، زاد في رواية للبخاري : وشربنا ، وله في أخرى : فلكنا وأكلنا وشربنا أي من الماء أو من مائع السويق .

( ثم قام إلى المغرب فمضمض ) قبل الدخول في الصلاة ( ومضمضنا ) وفائدتها وإن كان لا دسم في السويق أنه يحتبس بقاياه بين الأسنان ونواحي الفم فيشغله ببلعه عن الصلاة .

( ثم صلى ولم يتوضأ ) بسبب أكل السويق ، قال الخطابي : فيه أن الوضوء مما مست النار منسوخ لأنه متقدم وخيبر كانت سنة سبع ، قال الحافظ : لا دلالة فيه لأن أبا هريرة حضر بعد فتحها وروى الأمر بالوضوء كما في مسلم وكان يفتي به بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، واستدل به البخاري على جواز صلاتين فأكثر بوضوء واحد ، وعلى استحباب المضمضة بعد الطعام ، وفيه جمع الرفقاء على الزاد في السفر وإن كان بعضهم أكثر أكلا ، وحمل الأزواد في السفر ، وأنه لا يقدح في التوكل ، وأخذ منه المهلب أن الإمام يأخذ المحتكرين بإخراج الطعام عند قلته ليبيعوه من أهل الحاجة ، وأن الإمام ينظر لأهل العسكر فيجمع الزاد ليصيب منه من لا زاد معه ، وأخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك به ولم يخرجه مسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية