صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد فقالوا أيهما جاء أول عمل عمله فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم
544 546 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه قال ) وصله ابن سعد من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : ( كان بالمدينة رجلان أحدهما ) وهو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري ( يلحد ) بفتح أوله وثالثه كنفع ينفع من لحد وبضم أوله وكسر ثالثه من ألحد يشق في جانب القبر ( والآخر ) وهو أبو عبيدة بن الجراح ( لا يلحد فقالوا أيهما جاء أول ) بمنع الصرف للوصف ووزن الفعل ، وروي أولا بالصرف على أنه ظرف ( عمل عمله فجاء الذي يلحد ) أول ( فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) وروى ابن سعد عن أبي طلحة قال : " اختلفوا في الشق واللحد للنبي صلى الله عليه وسلم فقال المهاجرون : شقوا كما تحفر أهل مكة ، وقالت الأنصار : ألحدوا كما يحفر بأرضنا ، فلما اختلفوا في ذلك قالوا : اللهم خر لنبيك ، ابعثوا إلى أبي عبيدة وأبي طلحة فأيهما جاء قبل الآخر فليعمل عمله ، فجاء أبو طلحة فقال : والله إني لأرجو أن يكون قد خار لنبيه ، إنه كان يرى اللحد فيعجبه .

وروى ابن ماجه وابن سعد عن ابن عباس : " لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان كان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة ، وكان أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري هو الذي يحفر لأهل المدينة وكان يلحد ، فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما : اذهب إلى أبي عبيدة ، وقال للآخر : اذهب إلى أبي طلحة ، اللهم خر لرسولك ، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فألحد له " ويضرح بضاد معجمة في الأرض على الاستواء وفيه جواز الأمرين وأن اللحد أفضل ; لأنه الذي اختاره الله لنبيه قاله مالك ، ولأنه أستر للميت .

وفي مسلم عن سعد بن أبي وقاص : " ألحدوا لي لحدا ، وانصبوا علي اللبن نصبا كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم " . وروى أبو داود وغيره عن ابن عباس مرفوعا : " اللحد لنا والشق لغيرنا " . قال الزين العراقي : أي أهل الكتاب ، لكن الحديث ضعيف وليس فيه نهي عن الشق غايته تفضيل اللحد والإجماع على جوازهما ، انتهى . وقال ابن عبد البر : من هذا الحديث كره الشق من كرهه ولا وجه لكراهته .

التالي السابق


الخدمات العلمية