صفحة جزء
باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها

حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق قال لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه
18 - باب ما جاء في الصدقات والتشديد فيها

606 604 - ( مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق قال : لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه ) وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك : أن العقال هو القلوص ، وقال محمد بن عيسى : وهو واحد العقل التي يعقل بها الإبل ; لأن الذي يعطي البعير في الزكاة يلزمه أن يعطي معه عقاله ، أي لو أعطوني البعير ومنعوني ما يعقل به لجاهدتهم ، أو أراد المبالغة في تتبع الحق أو التقليل كما يقال : والله لا تركت منها شعرة ، وقال أبو عبيدة : العقال صدقة عام كما قال :


سعى عقالا فلم يترك لنا سيدا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين

.

وروي عناقا أراد أيضا التقليل ; لأن العناق لا تؤخذ في الصدقة عند طائفة من العلماء ، ولو كانت عناقا كلها ، قاله الباجي ، واستبعد بعضهم قول أبي عبيدة بأنه تعسف وذهاب عن طريقة العرب ; لأن الكلام خرج مخرج التضييق والتشديد والمبالغة ، فيقتضي قلة ما علق به العقال وحقارته لا صدقة عام ، وهذا البلاغ أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : " أن أبا هريرة قال لما توفي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان أبو بكر وكفر من كفر من العرب ، فقال عمر : كيف تقاتل الناس وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : أمرت أن أقاتل الناس حتى [ ص: 186 ] يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله . فقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق " . وبسط أبو داود وغيره اختلاف الرواة في أنه قال : عناقا أو عقالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية