صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان
663 661 - ( مالك عن ابن شهاب أن سعد بن أبي وقاص ) مالك أحد العشرة ( وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان ) ثم ترك ذلك ابن عمر كما قال نافع ، قال ابن عبد البر : هذا منقطع .

ثم أخرجه من وجه آخر عن عامر بن سعد عن أبيه ثم قال : وفعل سعد يضعف حديثه المرفوع : " أفطر الحاجم والمحجوم " ، وقد انفرد به داود بن الزبرقان وهو متروك .

وإن صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم عن غير سعد وعندي أنه منسوخ لحديث ابن عباس يعني عند البخاري وغيره : " أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم " لأن في حديث شداد وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مر عام الفتح على من يحتجم لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان فقال : أفطر الحاجم والمحجوم .

وابن عباس شهد معه حجة الوداع وشهد حجامته حينئذ وهو محرم صائم .

وحديث ابن عباس لا مدفع فيه عند أهل الحديث فهو ناسخ لا محالة لأنه لم يدرك بعد ذلك رمضان مع النبي صلى الله عليه وسلم لوفاته في ربيع الأول ، ومن جهة النظر أن الأحاديث متعارضة فسقط الاحتجاج بها ، والأصل أن الصائم على صومه لا ينتقض إلا بسنة لا معارض لها ، ثم قال : والمسألة أثرية لا نظرية وقد صح النسخ فيها ، وأيضا فإنه قال : أفطر الحاجم ، والإجماع على أن رجلا لو أطعم رجلا طائعا أو مكرها لم [ ص: 260 ] يفطر الفاعل فدل على أنه ليس على ظاهره وإنما معناه ذهب أجرهما لما علمه صلى الله عليه وسلم من ذلك كخبر : " من لغا يوم الجمعة فلا صلاة له " أي ذهب أجر جمعته ، وقيل : إنهما كانا مغتابين أو قاذفين فبطل أجرهما لا حكم صومهما انتهى .

وأوله بعضهم بأن المراد سيفطران نحو : إني أراني أعصر خمرا ( سورة يوسف الآية : 36 ) ولا يخفى بعده .

وقال البغوي : معناه تعرضا للإفطار ، وأما الحاجم فلا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص ، وأما المحجوم فلا يأمن ضعف قوته بخروج الدم فيؤول إلى الفطر ، وقيل : معنى أفطرا فعلا مكروها وهو الحجامة فصارا كأنهما غير متلبسين بالصيام .

وقال ابن خزيمة : جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال : أفطر الحاجم والمحجوم لأنهما كانا يغتابان ، فإذا قيل له : فالغيبة تفطر ؟ قال : لا ، فلم يخرج من مخالفة الحديث .

قال الحافظ : أخرجه الطحاوي والبيهقي وعثمان الدارمي وفيه متروك .

وقال ابن المديني : إنه حديث باطل .

التالي السابق


الخدمات العلمية