صفحة جزء
حدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أبي الحجاج عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لعلك آذاك هوامك فقلت نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين أو انسك بشاة
955 939 - ( مالك عن حميد بن قيس ) المكي الأعرج القاري ، وثقه ابن معين وابن سعد وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وأبو داود والنسائي وغيرهم كأحمد في رواية أبي طالب ، وقال في رواية ابنه : ليس بالقوي لكن احتج به الستة ، وكفى برواية مالك عنه ( عن مجاهد أبي الحجاج ) كنية مجاهد بن جبر ، بفتح الجيم وسكون الموحدة ، المخزومي مولاهم المكي ، ثقة إمام في التفسير وفي العلم ، مات سنة إحدى أو اثنين أو ثلاث أو أربع ومائة ، وله ثلاث وثمانون سنة ، وليحيى بن الحجاج ، وهو خطأ ، إذ لم يقل أحد أن اسم أبيه الحجاج ، فالصواب أبي بأداة الكنية ( عن ) عبد الرحمن ( بن أبي ليلى ) الأنصاري المدني ، ثم الكوفي ، ثقة من كبار التابعين ، اختلف في سماعه من عمر ، مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين ، قيل إنه غرق ( عن كعب بن عجرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ) له وهو محرم معه بالحديبية ، والقمل يتناثر على وجهه : ( لعلك أذاك هوامك ) بشد الميم ، جمع هامة ، بشدها ، وهي الدابة ، والمراد بها هنا : القمل كما في كثير من الروايات ، لأنها تطلق على ما يدب من الحيوان ، وإن لم يقتل كالحشرات والقمل ( فقلت : نعم يا رسول الله ) آذاني ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : احلق ) بكسر اللام ( رأسك ) : أزل شعره ( وصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ) مدين مدين لكل إنسان [ ص: 580 ] كما في الرواية السابقة ( أو انسك بشاة ) أي تقرب بها ، وهذا دم تخيير استفيد بأو المكررة ، قال ابن عباس : ما كان في القرآن ، أو فصاحبه بالخيار ، ومر في السابق : أي ذلك فعلت أجزأ عنك .

ولأبي داود من وجه آخر : " أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له : إن شئت فانسك نسيكة ، وإن شئت فصم ثلاثة أيام ، وإن شئت فأطعم ثلاثة آصع من تمر لستة مساكين " ، وفي رواية للشيخين : " أو انسك ما تيسر " ، ولهما أيضا : " أتجد شاة ؟ قلت : لا " ، فنزلت هذه الآية : ( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) قال : " فصم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، فنزلت في خاصة ، وهي لكم عامة " ، واستشكل بأن الفاء تدل على الترتيب ، والآية وردت للتخيير ، وأجيب بأن التخيير إنما هو عند وجود الشاة ، أما عند عدمها فالتخيير بين أمرين لا بين الثلاثة .

وقال النووي : ليس المراد أن الصوم لا يجزئ إلا لعادم الهدي ، بل هو محمول على أنه سأل عن النسك ، فإن وجده أخبره أنه مخير بين الثلاث ، وإن عدمه فهو مخير بين اثنين ، والحديث رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك به .

التالي السابق


الخدمات العلمية