صفحة جزء
باب الشهداء في سبيل الله

حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل فكان أبو هريرة يقول ثلاثا أشهد بالله
14 - باب الشهداء في سبيل الله

999 983 - ( مالك عن أبي الزناد ) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج ) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : والذي نفسي بيده ) بملكه وقدرته قاله عياض ( لوددت ) بلام مفتوحة في جواب القسم ، وفي رواية بغير لام وكسر الدال الأولى وسكون الثانية ( أني أقاتل ) بصيغة المفاعلة ( في سبيل الله فأقتل ثم أحيا ) بضم الهمزة مبني للمفعول فيهما ( فأقتل ثم أحيا فأقتل ) وفي رواية : ثم أقتل في المواضع الثلاثة بدل الفاء ، قال [ ص: 51 ] الطيبي : ثم وإن دلت على تراخي الزمان لكن الحمل على تراخي الرتبة هو الوجه لأن التمني حصول درجات بعد القتل والإحياء لم يحصل قبل ، ومن ثم كررها لنيل مرتبة بعد مرتبة إلى أن ينتهي إلى الفردوس الأعلى .

( فكان أبو هريرة يقول ثلاثا أشهد بالله ) أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك ، وفائدة التأكيد لتطمئن نفس سامعه إليه ولا يشك فيما حدثه به وهذا من كلام الراوي ، ويأتي من رواية أبي صالح عن أبي هريرة زيادة في أول الحديث ، واستشكل هذا التمني منه - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بأنه لا يقتل ، وأجاب ابن التين باحتمال أنه قبل نزول قوله تعالى : ( والله يعصمك من الناس ) ( سورة المائدة : الآية 67 ) ورد بأن نزولها كان في أوائل ما قدم إلى المدينة ، وهذا الحديث صرح أبو هريرة في الصحيحين من رواية ابن المسيب عنه بسماعه النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما قدم أبو هريرة في أوائل سنة سبع ، والذي يظهر في الجواب أن تمني الفضل والخير لا يستلزم الوقوع فقد قال - صلى الله عليه وسلم - : " وددت لو أن موسى صبر " وله نظائر فكأنه - صلى الله عليه وسلم - أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه ، قال ابن التين : وهذا أشبه ، وفي الحديث استحباب طلب القتل في سبيل الله وجواز قوله : وددت حصول كذا من الخير وإن علم أنه لا يحصل لأن فيه إظهار محبة الخير والرغبة فيه ، والأجر يقع على قدر النية وتمني ما يمتنع عادة وفيه أن الجهاد على الكفاية إذ لو كان على الأعيان ما تخلف عنه أحد ، قال الحافظ : وفيه نظر لأن الخطاب إنما يتوجه على القادر ، أما العاجز فمعذور وقد قال تعالى : ( غير أولي الضرر ) ( سورة النساء : الآية 95 ) وأدلة كونه فرض كفاية يؤخذ من غير هذا الحديث .

وأخرجه البخاري في التمني عن عبد الله بن يوسف عن مالك به .

وأخرجه مسلم وغيره وطرقه كثيرة عن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية