صفحة جزء
[ ص: 106 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الضحايا باب ما ينهى عنه من الضحايا

حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا فأشار بيده وقال أربعا وكان البراء يشير بيده ويقول يدي أقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم العرجاء البين ظلعها والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي
بسم الله الرحمن الرحيم 23 - كتاب الضحايا .

جمع ضحية كعطايا وعطية ، والأضاحي جمع أضحية بضم الهمزة في الأكثر وكسرها إتباعا لكسرة الحاء ، والأضحى جمع أضحاة مثل أرطى وأرطاة ، اسم لما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى في يوم العيد وتالييه ، قال عياض : سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار فسميت بزمن فعلها ، وقال غيره : ضحى ذبح الأضحية وقت الضحى هذا أصله ، ثم كثر حتى قيل ضحى في أي وقت كان من أيام التشريق .

1 - باب ما ينهى عنه من الضحايا .

1041 1026 - ( مالك عن عمرو بن الحارث ) بن يعقوب بن عبد الله مولى سعد بن عبادة ، وقيل مولى ابنه قيس يكنى أبا أمية الأنصاري مولاهم المصري ، ولد سنة اثنتين وتسعين ، بعثه صالح بن أمية من المدينة إلى مصر مؤدبا لبنيه وهو ثقة فقيه حافظ روى عن أبيه والزهري وغيرهما ، وعنه مجاهد وهو أكبر منه وبكير بن الأشج وقتادة وهما من شيوخه ، ومالك هذا الحديث الواحد وهو من أقرانه وابن وهب وقال : ما رأيت أحفظ منه ولو بقي لنا ما احتجنا إلى مالك وغيرهم ، مات سنة ثمان وقيل تسع وأربعين ومائة ( عن عبيد ) بضم العين ( بن فيروز ) الشيباني مولاهم أبي الضحاك الكوفي نزيل الجزيرة ، ثقة من أواسط التابعين .

قال ابن عبد البر : لم تختلف الرواة عن مالك في هذا الحديث وإنما رواه عمرو عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد فسقط لمالك ذكر سليمان ، ولا يعرف الحديث إلا له ، ولم يروه غيره عن عبيد ، ولا يعرف عبيد إلا بهذا الحديث وبرواية سليمان هذا عنه ، ورواه عن سليمان جماعة منهم شعبة عن عمرو بن الحارث ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم ، وذكر ابن وهب هذا الحديث عن عمرو بن الحارث والليث وابن لهيعة عن [ ص: 107 ] سليمان عن عبيد عن البراء ثم أسنده من هذا الوجه في التمهيد ، لكن قوله لا يعرف إلا لسليمان عن عبيد منتقد ، فقد رواه يزيد بن أبي حبيب والقاسم مولى خالد بن يزيد بن معاوية كلاهما عن عبيد ، كما ذكره المزي في الأطراف .

وذكر أيضا أن سليمان رواه عن عبيد بواسطة هي القاسم مولى خالد وبدونها ، وصرح سليمان في بعض الإشارة عند ابن عبد البر بقوله : سمعت عبيد بن فيروز ( عن البراء بن عازب ) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي صحابي ابن صحابي نزل الكوفة استصغر يوم بدر وكان لدة ابن عمر مات سنة اثنتين وسبعين ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل ماذا يتقى من الضحايا ) قال الباجي : دل هذا أن للضحايا صفات يتقى بعضها ، ولو لم يعلم أنها يتقى منها شيء لسئل هل يتقى من الضحايا شيء ( فأشار بيده وقال أربعا ) تتقى وفي رواية وقال : لا يجوز من الضحايا أربع ( وكان البراء بن عازب يشير بيده ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) من إطلاق اسم الكل على البعض ، ففي رواية ابن عبد البر عن ابن وهب عن عمرو وابن لهيعة بسندهم عن البراء : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشار بأصبعه قال وأصبعي أقصر من أصبع رسول الله وهو يشير بأصبعه يقول : لا يجوز من الضحايا أربع ( العرجاء ) بالمد ( البين ) ؛ أي : الظاهر ( ظلعها ) بفتح الظاء المعجمة وإسكان اللام ؛ أي : عرجها وهي التي لا تلحق الغنم في مشيها ، وقال أبو حنيفة : تجزي ويرد عليه الحديث ، ولا شك أن العرجاء تجري وتمشي والعرج من صفات المشي ، وأما التي لا تمشي فلا يقال لها عرجاء ، فإن خف العرج فلم يمنعها أن تسير بسير الغنم أجزأت كما هو مفهوم الحديث .

( والعوراء ) بالمد تأنيث " أعور " ( البين عورها ) وهو ذهاب بصر إحدى عينيها ، فإن كان بها بياض قليل على الناظر لا يمنعها الإبصار أو كان على غير الناظر أجزأت ، قاله محمد عن مالك وهو مفهوم الحديث .

( والمريضة البين مرضها ) بأي مرض كان بشرط وضوحه فهو عام عطف عليه خاصا بقوله : ( والعجفاء ) بالمد مؤنث " أعجف " الضعيفة ( التي لا تنقي ) بضم الفوقية وإسكان النون وقاف ؛ أي : لا نقي لها والنقي الشحم ، وكذا جاء في بعض روايات الحديث .

وفي رواية قاسم بن أصبغ : والكسيرة التي لا تنقي يريد التي لا تقوم ولا تنهض من الهزال ، وهذه العيوب الأربع مجمع عليها وما في معناها داخل فيها ، ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين ، فإذا لم تجز العوراء والعرجاء فالعمياء والمقطوعة الرجل أحرى ، وفيه أن المرض [ ص: 108 ] والعرج الخفيفين والنقطة اليسيرة في العين والمهزولة التي ليست بغاية في الهزال تجزي الضحايا ، وزعم بعض العلماء أن ما عدا العيوب الأربعة يجوز في الضحايا والهدايا بدليل الخطاب وله وجه لولا ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - في الأذن والعين وما يجب أن يضم إلى ذلك ، وكذلك ما كان في معناها عند الجمهور خرج أبو بكر بن أبي شيبة عن علي : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين ولا نضحي بمقابلة ولا بمدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء ، والمقابلة ما قطع طرف أذنها والمدابرة ما قطع طرفا جانبي الأذن ، والشرقاء المشروقة الأذن ، والخرقاء المثقوبة الأذن " وهذا حديث حسن الإسناد ليس بدون حديث البراء

وزاد في رواية شعبة عن سليمان عن عبيد بن فيروز قال قلت للبراء إني لأكره أن يكون في القرن نقص أو في الأذن نقص أو في السن نقص ، قال : فما كرهته فدعه ولا تحرمه على أحد ، قاله أبو عمر .

التالي السابق


الخدمات العلمية