صفحة جزء
باب استئذان البكر والأيم في أنفسهما

حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها
2 - باب استئذان البكر والأيم في أنفسهما

الأيم بكسر التحتية لغة من لا زوج له رجلا كان أو امرأة بكرا أو ثيبا .

قال الشاعر :


لقد إمت حتى لامني كل صاحب رجاء سليمى أن تئيم كما إمت

والمراد هنا الثيب .

1114 1092 - ( مالك عن عبد الله بن الفضل ) بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد [ ص: 191 ] المطلب الهاشمي المدني ، ثقة من رجال الجميع تابعي صغير من طبقة الزهري ( عن نافع بن جبير بن مطعم ) بن عدي النوفلي وأبي عبد الله المدني ، ثقة فاضل مات سنة تسع وتسعين ، روى له الكل ( عن عبد الله بن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الأيم أحق بنفسها من وليها ) لفظة أحق للمشاركة أي إن لها في نفسها في النكاح حقا ولوليها ، وحقها آكد من حقه ، قاله النووي .

وقال عياض : يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره ، ويحتمل أنها أحق بالرضا أن لا تزوج حتى تنطق بالإذن بخلاف البكر ، لكن لما صح قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا نكاح إلا بولي " مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الولي تعين الاحتمال الثاني أن المراد أحق بالرضا دون العقد وأن حق الولي في العقد ، ودل أفعل التفضيل المقتضي المشاركة أن لوليها حقا آكد ، وحقها أن لا يتم ذلك إلا برضاها ، قال : واختلف في معنى الأيم هنا مع اتفاق أهل اللغة على إطلاقه على كل امرأة لا زوج لها صغيرة أو كبيرة بكرا أو ثيبا ، حكاه الحربي وإسماعيل القاضي وغيرهما ، فقال علماء الحجاز وكافة الفقهاء : المراد الثيب المتوفى عنها أو المعلقة لأنه أكثر استعمالا ، ولأن جماعة من الثقات رووه بلفظ الثيب ولمقابلته بالبكر ، وقال الكوفيون وزفر والشعبي والزهري : الأيم هنا على معناه اللغوي ثيبا أو بكرا بالغة فعقدها على نفسها جائز ، وليس الولي من أركان صحة العقد بل من تمامه ، وتعقب بأنه لو كان المراد ذلك لم يكن لفصل الأيم من البكر معنى .

( والبكر ) البالغ ، وفي رواية شعبة عن مالك واليتيمة مكان البكر ( تستأذن في نفسها ) أي يستأذنها وليها أبا كان أو غيره تطييبا لنفسها ( وإذنها صماتها ) بالضم سكوتها ، قال القطربي : هذا منه - صلى الله عليه وسلم - مراعاة لتمام صونها وإبقاء لاستحيائها ، لأنها لو تكلمت صريحا لظن أنها راغبة في الرجال وذلك لا يليق في البكر ، واستحب العلماء أن تعلم : صماتها إذن ، واختلف قول مالك في حمل البكر هنا على اليتيمة كما جاء مفسرا في الرواية الأخرى ، وحمله على ظاهره ، ولو ذات أب ، لكن على الندب لا الوجوب ، وقاله الشافعي وأحمد وغيرهما ، وقال الكوفيون والأوزاعي : يلزم ذلك في كل بكر ، ومفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيد بأخص أوصافه دل على أن ما عداه بخلافه ، فقوله في الثيب " أحق بنفسها " جمع نصا ودلالة ، والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص ، وإنما شرع للولي استئذانها تطييبا لها لا وجوبا ، بدليل جعله صماتها إذنها ، والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح .

ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد ويحيى التميمي ، الثلاثة عن مالك به ، وأخرجه أحمد والشافعي وأصحاب السنن كلهم من طريق مالك ، وتابعه زياد بن سعد عن عبد الله بن [ ص: 192 ] الفضل بإسناده بلفظ : " الثيب أحق بنفسها من وليها " والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها " وربما قال وصمتها إقرارها رواه مسلم ، قال ابن عبد البر : هذا حديث رفيع ، أصل من أصول الأحكام .

رواه عن مالك جماعة من الجلة كشعبة والسفيانين ويحيى القطان ، قيل : ورواه أبو حنيفة ولا يصح ، وقال عياض : رواه عن مالك أكثر أقرانه ومن هو أكبر منهم كأبي حنيفة والليث .

التالي السابق


الخدمات العلمية