صفحة جزء
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات فقال ابن مسعود فماذا قيل لك قال قيل لي إنها قد بانت مني فقال ابن مسعود صدقوا من طلق كما أمره الله فقد بين الله له ومن لبس على نفسه لبسا جعلنا لبسه ملصقا به لا تلبسوا على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما يقولون
1170 1149 - ( مالك أنه بلغه ) وقد رواه ابن أبي شيبة عن علقمة ( أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال : إني طلقت امرأتي ثماني تطليقات ) في كلمة ، بأن قلت لها : أنت طالق ثماني تطليقات ( فقال ابن مسعود : فماذا قيل لك ؟ قال : قيل لي : إنها قد بانت مني ) فلا تحل لي إلا بعد زوج ( فقال ابن مسعود : صدقوا من طلق كما أمره الله ) بقوله : ( الطلاق مرتان ) ( سورة البقرة : الآية 229 ) ( فقد بين الله له ) أن المراد الذي فيه الرجعة بقوله : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ( سورة البقرة : الآية 229 ) ( ومن لبس ) بفتح الموحدة خلط ( على نفسه لبسا ) [ ص: 254 ] بإسكان الموحدة خلطا ( جعلنا لبسه ملصقا به لا تلبسوا ) بكسر الموحدة ( على أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما يقولون ) إنها بانت منك .

ولابن أبي شيبة أيضا عن علقمة : " أن رجلا قال لابن مسعود : إني طلقت امرأتي مائة ، قال : بانت منك وسائرهن معصية " . وفي لفظ : " عدوان " . وعنده أيضا : " أن رجلا قال : كان بيني وبين أهلي كلام فطلقتها عدد النجوم فقال : بانت منك " فهي وقائع متعددة . وقد روى الدارقطني عن ابن عمر : " قلت : يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا ؟ قال : إذا قد عصيت ربك وبانت منك امرأتك " . والنسائي برجال ثقات عن محمود بن لبيد قال : " أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام مغضبا فقال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ . وما في مسلم عن ابن عباس : " كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر : إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم " . فقال العلماء : معناه أن الناس كانوا يطلقون ثلاثا . وحاصله أن المعنى أن الطلاق الموقع في زمن عمر ثلاثا كان يوقع قبل ذلك واحدة ; لأنهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلا ، وكانوا يستعملونها نادرا ، وأما في زمن عمر فكثر استعمالهم لها . وأما قوله : فأمضاه عليهم ، فمعناه أنه صنع فيه من الحكم بإيقاع الطلاق ما كان يصنع قبله ، وقيل في تأويله غير ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية