صفحة جزء
وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما فقال طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا قال فقلت هي الطلاق ألفا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله وقال ليس ذلك بطلاق وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة أمير عليها فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن وأن يخلي بيني وبين أهلي قال فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني
1245 1231 - ( مالك ، عن ثابت بن ) عياض ( الأحنف ) الأعرج العدوي ، مولاهم تابعي ثقة ( أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ) العدوي ، وأمه لبابة بنت لبابة الأنصارية ، ولد في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأحضره جده أبو أمه عنده - صلى الله عليه وسلم - فحنكه ومسح رأسه ودعا له بالبركة ، فكان لبيبا عاقلا ، وزوجه عمر بنته فاطمة ، واستشهد أبوه باليمامة وولي هو إمرة مكة ليزيد بن معاوية ، ومات سنة بضع وستين ، وقيل كان اسمه محمدا فغيره عمر . ( قال ) ثابت ( فدعاني ) ابنه ( عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ) وأمه فاطمة بنت عمر ( فجئته [ ص: 329 ] فدخلت عليه ، فإذا سياط موضوعة ) جمع سوط ( وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما عنده ، فقال : طلقها وإلا والذي يحلف به ) وهو الله سبحانه ( فعلت بك كذا وكذا ) ضربتك بالسياط وقيدتك بالقيدين ( قال : فقلت : هي الطلاق ألفا ، فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر ) ابن عم أبيه ( بطريق مكة ، قال : فأخبرته بالذي كان من شأني ، فتغيظ عبد الله بن عمر وقال : ليس ذلك بطلاق ) للإكراه ( وإنها لا تحرم عليك فارجع إلى أهلك ، قال : فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير ، وهو يومئذ بمكة ) خليفة زاد في نسخة : أمير عليها ( فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر ، قال : فقال لي عبد الله بن الزبير : لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك ، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري ، وهو أمير المدينة ) من جهة ابن الزبير ( يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن ) يعزره على ما فعل ( وأن يخلي بيني وبين أهلي ) زوجتي ( قال : فقدمت المدينة فجهزت صفية ) فاعل ، بنت عبيد ( امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر ) زوجها ( ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني ) .

وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وصححه الحاكم عن عائشة مرفوعا : " لا طلاق ولا عتاق في إغلاق " أي إكراه بكسر الهمزة وسكون المعجمة وقاف ، سمي به لأن المكره كأنه يغلق عليه الباب ويضيق عليه حتى يطلق فلا يقع طلاقه ، وزعم أن المراد بالإغلاق الغضب ، ضعف بأن طلاق الناس غالبا إنما هو في حال الغضب ، فلو جاز عدم وقوع طلاق الغضبان لكان لكل أحد أن يقول : كنت [ ص: 330 ] غضبان فلا يقع علي طلاق ، وهو باطل . وقد صح عن ابن عباس وعائشة أنه يقع طلاق الغضبان ، وأفتى به جمع من الصحابة ، وقد قال الأئمة الثلاثة وغيرهم : لا يقع طلاق المكره لقوله تعالى : ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ( سورة النحل : الآية 106 ) فنفى الكفر باللسان ، فكذا الطلاق إذا لم يرده بقلبه ولم ينوه ولم يقصده لم يلزمه ، ولحديث : " تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " . وقال أبو حنيفة وأصحابه : يصح طلاق المكره ونكاحه وعتقه وتدبيره لا بيعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية