صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب كراء الأرض باب ما جاء في كراء الأرض

حدثنا يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع قال حنظلة فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق فقال أما بالذهب والورق فلا بأس به
[ ص: 554 ] 17 بسم الله الرحمن الرحيم

34 - كتاب كراء الأرض .

1 - باب ما جاء في كراء الأرض

1415 1382 - ( مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ) فروخ المدني المعروف بربيعة الرأي ( عن حنظلة بن قيس ) بن عمرو بن حصن ( الزرقي ) الأنصاري التابعي الكبير قيل : وله رؤية ( عن رافع بن خديج ) بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة وإسكان التحتية وجيم ، ابن رافع بن عدي الأنصاري الأوسي ، أول مشاهده أحد ثم الخندق ، مات سنة ثلاث أو أربع وسبعين ، وقيل قبل ذلك .

( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ) جمع مزرعة ، وهي مكان الزرع ، وظاهره منع كرائها مطلقا ، وإليه ذهب الحسن وطاوس وأبو بكر الأصم قال : لأنها إذا استؤجرت وخربت لعلها يحترق زرعها فيردها وقد زادت وانتفع ربها بها ولم ينتفع المستأجر ، ومن حجتهم حديث الصحيحين وغيرهما مرفوعا : " من كانت له أرض فليزرعها ، فإن لم يستطع أن يزرعها وعجز عنها فليمنحها أخاه المسلم ولا يؤجرها ، فإن لم يفعل فليمسك أرضه " ( قال حنظلة : فسألت رافع بن خديج ) أنهى عن كرائها ( بالذهب والورق ) الفضة ( فقال ) وفي رواية للشيخين : قال : لا ، إنما نهى عنه ببعض ما يخرج منها .

( أما بالذهب والورق فلا بأس به ) يحتمل أنه قال ذلك اجتهادا ، أو علم ذلك بالنص على جوازه .

وقد روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن ابن المسيب عن رافع قال : " نهى - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمزابنة وقال : إنما يزرع ثلاثة : رجل له أرض ، ورجل منح أرضا ، ورجل [ ص: 555 ] أكرى أرضا بذهب أو فضة " وهذا يرجح أن ما قاله رافع مرفوع ، ولكن بين النسائي من وجه آخر أن المرفوع منه النهي عن المحاقلة والمزابنة ، وأن بقيته مدرج من كلام ابن المسيب ، وقد تأول مالك وأكثر أصحابه أحاديث المنع على كرائها بالطعام أو بما تنبته كقطن وكتان إلا الخشب والحطب ، وأجازوا كراءها بما سوى ذلك لحديث أحمد وأبي داود وابن ماجه عن رافع مرفوعا : " من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بثلث ولا ربع ولا بطعام مسمى " وتأولوا النهي عن المحاقلة بأنها كراء الأرض بالطعام وجعلوه من باب الطعام بالطعام نسيئة ; لأن الثاني يقدر أنه باق على ملك رب الأرض كأنه باعه بطعام فصار بيع طعام بطعام لأجل ، وأجاز الشافعي وأبو حنيفة كراءها بكل معلوم من طعام وغيره لما في الصحيح عن رافع بعد قوله : أما بالذهب والورق فلا بأس به ، إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الماذيانات وأقيال الجداول فيهلك هذا ويسلم هذا ، فلذلك زجر عنه - صلى الله عليه وسلم - ، وأما بشيء معلوم مضمون فلا بأس ، فبين أن علة النهي الغرر ، وأما بذهب أو ورق فلم ينه عنه ، فمثلهما ما في معناهما من الأثمان المعلومة ، والماذيانات بكسر الذال وفتحها معربة لا عربية : مسايل الماء الكبار سمى بذلك ما ينبت على الحافتين مجازا للمجاورة ، وأجاز أحمد كراءها بجزء مما يزرع فيها لحديث المساقاة وقال : إنه أصح من حديث رافع لاضطراب ألفاظه ، وبأنه يرويه مرة عن عمومته ومرة بلا واسطة ، ورد بأنه يمكن أنه سمعه من عمومته ومن المصطفى فكان يرويه بالوجهين .

وأما اختلاف ألفاظه فمن الرواة ، وليس فيها ما يتدافع بحديث لا يمكن الجمع ، وشرط الاضطراب أن يتعذر الجمع ، وقد جمع بينهما بما يطول ذكره ، وأخرجها البخاري ومسلم وغيرهما ، وحديث الباب رواه مسلم عن يحيى عن مالك به ، وتابعه الأوزاعي عن ربيعة ، وتابعه يحيى بن سعيد عن حنظلة في الصحيحين وغيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية