صفحة جزء
وحدثني مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله بن عمر عن كراء المزارع فقال لا بأس بها بالذهب والورق قال ابن شهاب فقلت له أرأيت الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج فقال أكثر رافع ولو كان لي مزرعة أكريتها
[ ص: 556 ] 1417 1384 - ( مالك عن ابن شهاب أنه سأل سالم بن عبد الله بن عمر عن كراء المزارع فقال : لا بأس بها بالذهب والورق ، قال ابن شهاب : فقلت له أرأيت ) أخبرني ( الحديث الذي يذكر عن رافع بن خديج ) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع كأنه فهمه على العموم حتى بالذهب والورق ( فقال ) سالم : ( أكثر رافع ) أي أتى بكثير موهم لغير المراد ، وكأنه لم يبلغه إخبار رافع بجوازه بالذهب والورق ( ولو كانت لي مزرعة ) أرض تزرع ( أكريتها ) بالذهب والورق .

وفي البخاري في المغازي عن جويرية عن مالك عن الزهري : " أن سالم بن عبد الله أخبره قال : أخبر رافع بن خديج عبد الله بن عمر أن عميه وكانا شهدا بدرا أخبراه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، قلت لسالم : فتكريها ؟ قال : نعم ، إن رافعا أكثر على نفسه " وفي مسلم وأبي داود والنسائي من طريق ابن شهاب : " أخبرني سالم أن عبد الله كان يكري أرضه حتى بلغه أن رافع بن خديج نهى عن كراء الأرض فلقيه فقال : ما هذا ؟ قال : سمعت عمي وكانا قد شهدا بدرا يحدثان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض ، فقال عبد الله : قد كنت أعلم في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - تكرى حتى خشي عبد الله أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه فترك كراء الأرض ، وفي الصحيحين عن نافع أن ابن عمر كان يكري مزارعه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان وصدرا من إمارة معاوية ، ثم حدث عن رافع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، فذهب إلى رافع فذهبت معه فسأله فقال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع ، فقال ابن عمر : قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا بما على الأربعاء وبشيء من التبن ، والأربعاء بالمد جمع ربيع وهو النهر الصغير ، وحاصله أنه أنكر على رافع إطلاق النهي ؛ لأن المنهي عنه هو الكراء الفاسد الذي كانوا يكرهونه بما ينبت على الأربعاء وبعض التبن ، وهو مجهول مع أنه مخابرة لا بالذهب والورق ونحوهما ، وتركابن عمر الكراء تورعا ، كما يدل على ذلك قوله حتى خشي . . . . . إلخ .

وقد اختلف هل علة النهي لاشتراطهم ناحية منها أو لاشتراطهم ما زرع على الجداول والسواقي ، أو لأنهم كانوا يكرونها على الجزاء أو بالطعام والأوسق من التمر ، وهذا كله من الغرر والخطر ، أو لقطع الخصومة والنزاع كما جاء عن زيد بن ثابت أنه قال : " يغفر الله لرافع بن خديج ، أنا والله كنت أعلم منه بالحديث ، إنما جاء رجلان من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اقتتلا ، فقال : إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع ، فسمع قولهلا [ ص: 557 ] تكروا المزارع " أخرجه الطحاوي ، فكأن نهيه تأديب أو للرفق والمواساة كما قال ابن عباس في الصحيحين : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه .

وفي الترمذي لم يحرم المزارعة ولكن قال : " أن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ شيئا معلوما " .

التالي السابق


الخدمات العلمية